في أواخر يناير/ كانون الثاني كان المعلق الساخر محمد العجمي خارجا من بيته عندما حاصرته خمس سيارات.
وقد روى لنا في بي بي سي كيف أن أكثر من 10 رجال، بعضهم مسلحون، قيدوه ووضعوه مغمض العينين على أرضية السيارة ما بين المقعدين الأمامي والخلفي.
وبعد ساعات تلقت عائلته مكالمة هاتفية تفيد بأنه رهن الاعتقال لدى أمن الدولة.
وعرف الشاب البالغ من العمر 26 عاما بسخريته اللاذعة .
وله أكثر من 150 ألف متابع لحسابه على موقع تويتر، باسم “أبو عسم”.
وليست حالة العجمي منعزلة في الكويت، فقد اعتقلت السلطات العديد من الأشخاص بتهمة الإساءة إلى دول خليجية أخرى.
ويرى البعض في هذا مؤشرا على التعاون القوي بين الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي في مجال أمن الدولة.
وبينما شرعت دول المجلس الأخرى في التضييق على من ينتقدون الحكم فيها، أعلن أمير الكويت سياسة “تضييق الخناق” على منتقدي دول أخرى وحكامها، باعتبار أن ذلك يسيء إلى علاقات الكويت الخارجية.
“تمزيق للروابط الخليجية”
وانتقدت المنظمات الحقوقية اعتقال الناس بمثل تلك التهم، في الأشهر الأخيرة، واصفة تلك الاعتقالات بالقمع الذي يمارسه أمن الدولة الكويتي.
ويوجد الصحفي الكويتي حامد بويابس حاليا رهن الاعتقال بسبب شكوى من الإمارات بشأن تغريدات على موقع تويتر تزعم فيها الإمارات أنه أهان ولي عهد حاكم دبي.
وفي مطلع مارس/ آذار، اعتقل رئيس الحركة الديمقراطية المدنية المعارضة، طارق المطيري، بطلب من وزارة الخارجية السعودية، ثم أفرج عنه.
وعبر العجمي عن قلقه من أن هذه القضايا ترتكز على مادة في قانون أمن الدولة، تنص على الحكم بالإعدام على كل من توجه له تهمة اقتراف عمل يعرض الكويت إلى خطر الحرب أو قطع العلاقات الدبلوماسية مع بلد آخر.
ويتساءل: “هل رأي أو كلام شخص ليس له صفة رسمية في الدولة عن دولة أخرى يؤثر على العلاقات ؟”.
ويضيف في تصريح لبي بي سي: “ليست لدي مشكلة أن تقاضيني سلطات المملكة العربية السعودية بتهمة السب والقذف، ولكن آرائي وكلماتي ليست مسألة أمن دولة…ولا تتضمن تحريك قوات أو القيام بعمل عدائي أو التحريض عليه”.
وقال نائب رئيس مجلس الأمة الكويتي، مبارك الخرينج، لبي بي سي إن تلك الاعتقالات تمت وفق القانون الكويتي، الذي يمنع الإساءة لقادة ومسؤولين في دول أخرى.
وأضاف أنه يدعم بقوة الاتفاقية الأمنية بين دول مجلس التعاون الخليجي، لأن الكويت ودول الخليج محاطة بأخطار إقليمية.
وقال الخرينج “إن الحريات محمية ومكفولة للجميع في الكويت”، ولكنه ألح على أن الأمن يعلو على جميع القضايا الأخرى، وتساءل: “ما معنى الديمقراطية والحرية إذا لم تتمتع بالأمن؟”.