أيام جنكيز خان العظيم، والعهدة على الفنان إبراهيم الصلال، كانوا يطلقون على ملوكهم ألقاباً تليق بأعمالهم، مثل المعتصم بالله.. والمنتصر بالله.. والغالب بأمر الله. ولو كان سمو الشيخ جابر المبارك رئيسا لمجلس الوزراء في عهد التتار، لربما أطلقوا على سموه لقب.. «المغلوب على.. أمره»!
فسموه «حد يوشه» ان يشير الى المشكلة، وكثر الله ألف خيره..أما ان يجد لها حلا، فهذا أمر.. «خارج نطاق التغطية». اجتمع بنا سموه في نوفمبر من عام 2012، وقال: «هل تعلمون السبب الرئيسي في تخلف البلد؟.. السبب هو أننا لم نحول أي واحد من القيادات الادارية في البلد للتحقيق أو النيابة.. وهل تعلمون ان جهازنا الاداري هو أساس المشكلة؟ فأغلبيته جاءت بالواسطة وليس بالكفاءة.. وهل تعلمون ان الحكومة الناجحة بحاجة لوزراء يكونون رجال دولة؟ لكني محاط بموظفين من درجة وزير»! بصراحة، خرجنا بعد الاجتماع وكلنا يقين ان سموه راح يقوم بـ«نفضة معتبرة» للفساد في البلد.خصوصا ان صاحب السمو أمير البلاد كان قد أعطاه دعما غير محدود، حين صرح صاحب السمو لوسائل الاعلام قبل هذا اللقاء بأسبوعين قائلا: «أعلم ان الشعب منزعج من تردي الخدمات وتدهورها، وأعدكم ان نصحح من هذا الخلل.. لدي ثقة كاملة بالشيخ جابر المبارك وحكومته، وان هذه الثقة بالاضافة الى توصياتي له، ستنعكس ايجابا على أداء المبارك وحكومته، في القريب العاجل». بعد لقاء سمو رئيس مجلس الوزراء معنا، ونشر فحواه بالصحف، عمت أجواء الفرح والسرور أرجاء المعمورة، وتنفس الشعب الصعداء لوجود سمو الرئيس بيننا في هذه المرحلة الحرجة، حتى بات الناس يطلقون عليه، من باب التفاؤل.. «سمو المرحلة». وبدأ الترقب..وانتظرنا..وطال الانتظار..اليوم تدور عجلة التنمية.. بعد سنة يمكن «تكوكس» العجلة.. بعد سنتين لو «عالأقل تمشي شوي العجلة وتنتع.. ماكو مشكلة».. لكن وللأسف، تبين لنا، بعد فوات الأوان، ان حكومة سمو الرئيس كانت تؤمن بالحكمة القائلة: في «العجلة»..الندامة! وأدمن سموه عرض المشاكل في البلد و«التحلطم» حولها، وأنه «كان بودي.. لكن الهوا ضدي»! ودخلت مرحلة جديدة من ادارة سمو الشيخ جابر المبارك، وبدأت الوعود الوردية تمطر المواطنين.. «الحكومة تستعين بالصين لبناء ثلاث مدن اسكانية متكاملة بقيمة 40 مليار دولار».. «الحكومة ستوزع 108 آلاف وحدة سكنية خلال الست سنوات القادمة».. الحكومة.. الحكومة.. وانتهى المطاف بنا أمس الأول، مع هذا الخبر المنشور: «50 ألف شقة هدية المجلس والحكومة الى الشباب الكويتي في مواجهة ارتفاع الايجارات»..يعني «خذ من كيسه وعايده»!.. «وابقى قابلني اذا شاف الشباب غير هذه الشقق لبقية عمره»! وكثرت الوعود الوردية.. وأصبحنا لا نسمع الا «الأمور زينة.. الأمور زينة».. حتى صار المواطن الكويتي اذا اشتدت به أزمة، كرر قائلا: «يا كويت عزك عزنا»، ثلاث مرات من الصبح و«على الريج».. فتُفرج الأمور وتتحسن نفسيته. ويبدو ان سمو الرئيس أخذ يعيش جو «الأكشن»، وقرر ان يدخل في العميق من خطة التنمية. فشنت حكومة سموه حملة شعواء على المواطنين.. «انتو.. وانتو.. وتركتكم.. وفعلتكم».. وهذا الهدر غير المبرر.. ودولة الرفاه شارفت على الانتهاء..واتكالية المواطنين ورواتبهم ودعمهم يكلفنا الشيء الفلاني! وبعد ان حرق سموه، الله يحفظه، أعصاب المواطنين لمدة سنة، وصرنا على استعداد ان نبيع «هدومنا» لنسدد للدولة التزاماتها، خرجت علينا الحكومة أخيرا بابتسامة عريضة وهي تقول: «لا ضرائب..ولن نلغي الدعم.. ولن نمس الرواتب والكوادر».. زين ما قالت: قصينا عليكم! كل ذلك في كفة، وما صرحت به الحكومة قبل أيام قليلة في كفة أخرى.فبينما نُشر تقرير دولي بأن الكويت هي «ثالث أغنى دولة عربية»، أطلت علينا حكومتنا «الرشيدة» بتصريح مرعب تقول فيه: «العجز..حتمي بعد بضع سنوات».. ودبروا حالكم! المانشيت في الصحف يؤكد ان البلد سيدخل في عجز بالميزانية، وأن الدولة، بكل الثروات والفوائض التي تملكها حاليا، لن تتمكن من تسديد المستحقات والرواتب! .. وانتظرنا من سموه اجتماعا عاجلا بالحكومة.. أو خطة طارئة لمعالجة الوضع.. أو ان يقدم استقالته تحملا لفشله.. أو ان ينتحر (لا..بس أتغشمر). لكن سموه ظل شامخا كالطود العظيم، مستريحا لا يهزه ريح..ولا نعلم ان كان اكتفى، وهو يقرأ المانشيت في الصحف، بترديد العبارة الخالدة.. «هيلا يا رمانة»؟! ٭٭٭ سمردحة: من كثر إنجازاته.. الديوان خذا مشاريعه! |