عبّر نائب رئيس الوزراء الكويتي، وزير الخارجية السابق، الشيخ محمد الصباح، عن خوفه على الديموقراطية الكويتية من لغة التطرف والطائفية وانتشار العصبيات. وقال في تصريحات لصحيفة “الرأي” إنّ الكويت تحتاج حشد كل الطاقات لتكريس مفهوم الاستقرار على قاعدتي الامن الاجتماعي والامن الاقتصادي، مشددا على ضرورة تطوير قطاع التعليم والنهوض به.
أعرب نائب رئيس الوزراء الكويتي، وزير الخارجية السابق الشيخ محمد الصباح عن خوفه “على الديموقراطية الكويتية من لغة التطرف والطائفية وانتشار العصبيات بمختلف أوجهها”.
وحذر في تصريح لجريدة “الراي” في بروكسيل من “أخطار حقيقية تحيق بالكويت كدولة وككيان إذا لم نتمتع جميعاً ككويتيين بالحصانة المطلوبة لمواجهة طاعون الانقسامات والصراعات المذهبية الذي ضرب عدداً من دول المنطقة وبدأت عدواه تنتشر في كل الاتجاهات”.
وسألت “الراي” الشيخ محمد على هامش منتدى الحوار العربي – الأوروبي، الذي انعقد على مدى يومين في العاصمة البلجيكية، عن لغة العصبيات التي لم تعهدها الكويت من قبل، واثرها على الديموقراطية الكويتية، فقال: «صحيح ان الكويت تتمتع بديموقراطية عريقة ومميزة واثبتت قدرتها على الصمود في وجه الكثير من الرياح التي عصفت ببلدنا، لكن الصحيح ايضا ان ظاهرة التطرف والعصبيات بمختلف أشكالها رسخت مواقع لها في عدد من دول المنطقة ثم بدأت بالانتشار تدريجيا. وهذا الامر ان لم نتداركه بجملة من القيم والسلوكيات والعادات والتقاليد المرتكزة أساسا على مبادئ الوحدة والوسطية والاعتدال والحوار والتعاون، فان الخطر لن يكون على ديموقراطيتنا فحسب، كما ورد في سؤالكم، بل على الكويت نفسها كدولة ومجتمع وكيان، وعلى اي دولة او مجتمع او كيان يضربها طاعون الطائفية والمذهبية والعصبيات والعنصريات».
ما الذي يغذي التطرف؟
رأى الشيخ محمد ان «القيم والمبادئ التي جبلنا عليها، والوسطية والاعتدال والحوار البناء وفتح كل قنوات التعاون والتلاقي، هي من الاسلحة الضرورية لمحاربة التطرف، لكننا يجب ان نتسلح ايضا باشياء اخرى في غاية الاهمية، وهي حشد كل الطاقات لتكريس مفهوم الاستقرار على قاعدتي الامن الاجتماعي والامن الاقتصادي، فاهتزاز الاستقرار يغذي التطرف، وغياب الامن يغذي التطرف، وجمود المشاريع الاقتصادية في الادراج يغذي التطرف، وتوقف قطار التنمية عند رصيف الازمات السياسية المتلاحقة يغذي التطرف… ومسؤوليتنا جميعا ككويتيين ان نلتقي على هذه المبادئ الاساسية اذا اردنا دولة قوية قادرة متطورة».
الاستجوابات
رفض الشيخ محمد الاجابة عن اسئلة تتعلق بالاستجوابات الاخيرة التي تشهدها الكويت، وما اذا كانت جزءا من تقليد سياسي لا علاج له، او جزءا من تحريك مبرمج لأهداف خاصة، قائلا انه يركز في المنتدى الذي شارك فيه على الحوار العربي – الاوروبي… «ومع ذلك يمكن ان اكرر ان علينا جميعا ككويتيين تكريس مفهوم الاستقرار على قاعدتي الامن الاجتماعي والامن الاقتصادي… واعتقد انني هنا اجيب عن اسئلتكم».
الاستثمار الأمثل للثروة
وجهت «الراي» الى الشيخ محمد السؤال التالي:
ترفضون الدخول في تفاصيل الاستجوابات النيابية واثرها على الوضع السياسي، بينما تحاضرون مطولا عن جزيرة ناورو او نوروا كما تلفظ. هل ستعتمدون الرمزية في مقاربة الوضع الكويتي؟
يجيب بعد ضحكة عريضة: «انها جزيرة صغيرة وجدت كنزاً من الفوسفات في ارضها، واعتمدت على هذا الرزق دون المحافظة عليه، فخسرت كل شيء لان ابناءها لم يكترثوا للخيرات الالهية التي وضعت بين اياديهم».
من التعليم نبدأ
وهل تقصد ان الكويت تسير في المسار نفسه ام انك كنت تشرح درساً في الجغرافيا؟
يضحك اكثر ويجيب: «حبا الله الكويت بخير وفير، بل ان اهل الكويت كانوا وما زالوا هم الخير واهل الخير، وعندما بدأت الثروات تكتشف، واهمها النفط، كان لابد من استثمارها بالشكل الامثل، لتطوير قاعدة اقتصادية افقية شاملة، واعتقد ان هذا الامر لم يتحقق كما يجب وفق المعايير العلمية. علينا المحافظة على هذا المورد وتطويره لكن علينا البحث عن موارد اخرى نعتمد عليها لتنويع مصادر الدخل كي نربح المستقبل، ومن هنا اعتقد ان البداية يجب ان تكون من قطاع التعليم الذي يجب ان يكون تطويره هو الاساس، لكسب المعرفة من جهة وبناء المهارات المهنية، وتخريج قادة المستقبل الاداريين والاقتصاديين».
وعن رأيه في التعليم في الكويت حاليا ولجوء القادرين على ارسال ابنائهم الى مدارس اجنبية ثم جامعات اجنبية، اجاب الشيخ محمد: «انا بطبعي اكره التعميم، كما اكره المبالغة في الوقت نفسه، واحب توضيح الامور كما هي. هناك ثغرات في المناهج والوسائل والطرق، لكن في الكويت مدارس مهمة، وانا شخصياً اعمل في مجال التعليم، ولدينا الكفاءات اللازمة، ولكن للمدارس الاجنبية ايضاً حقوق الصلاحية بالمنافسة، وهذه المنافسة يجب ان تكون مصدر تحفيز لنا على التطور لا مصدر احباط».
المعارضة الكويتية
وما رأيه في خطاب المعارضة الكويتية؟ يبتسم قبل ان يقول: «انتم مصرون على السياسة كثيرا. مبدئيا، المعارضة جزء لا يتجزأ من اي نظام ديموقراطي في الكويت وغير الكويت، ومبدئيا المعارضة في اي نظام ديموقراطي تنحاز الى ما تعتبره حركة اصلاحية، من خلال تناول علمي وواقعي للملفات التي ترى ان هناك خللا في ادارتها، فتضع لها الحلول وتطرحها عبر المؤسسات والاقنية الدستورية والقانونية… ومبدئيا اتمنى ان نعيد حصر اللقاء بالحوار العربي الاوروبي».
رئيس الوزراء «الشعبي»
سؤال اخير عن قراءته لمطلب المعارضة وجود رئيس وزراء شعبي؟ يجيب الشيخ محمد: «ان تعيين رئيس الوزراء في الكويت حق لصاحب السمو الامير اعطاه اياه الدستور، فرئيس الوزراء يعين من قبل سمو الامير وليس لاحد الحق بالاعتراض على هذا الامر. ولسنا في حاجة، مسؤولين ومواطنين، الى القول ان من يعينه صاحب السمو يجب ان يمتلك الكفاءة والخبرة والمعرفة والرؤية، ليكون الاصلح لحمل المسؤولية التي تلقى على عاتقه، فالمنصب تكليف وليس تشريفا وخدمة الكويت، ورفعة شانها وتقدمها ومستقبل ابنائها هي هاجس الجميع».
المصدر: إيلاف