إسرائيل تزيد معاناة «رأس خميس» في القدس بإغلاق مدخلها الرئيس

لأوضاع المأساوية للسكان قد تدفعهم لإقامة الخيام في المسجد الأقصى

إسرائيل تزيد معاناة «رأس خميس» في القدس بإغلاق مدخلها الرئيس

تحويل سكان رأس خميس إلى معبر شعفاط يزيد معاناتهم
تحويل سكان رأس خميس إلى معبر شعفاط يزيد معاناتهم

لايزال الاحتلال الإسرائيلي مستمراً في استكمال إقامة جدار الفصل العنصري بمدينة القدس المحتلة للسيطرة على المزيد من الأراضي وزيادة معاناة الفلسطينيين، ففي حي رأس خميس المحاذي لمخيم شعفاط بالقدس، قامت وزارة الدفاع الإسرائيلية أخيراً، في محاولة لخنق السكان بتفكيك معبر رأس خميس، ونقل المكونات المادية التي كانت تشكله من ألواح حديدية وغيره، ولذلك لاستبداله بمقطع مكمل من الجدار العازل الذي يتوقف مساره بالقرب من المعبر.

فيما وضع الاحتلال كتلاً إسمنتية ضخمة مكان المعبر، تمتد مكان الأسلاك الشائكة الموجودة في أطراف حي رأس خميس حتى معبر مخيم شعفاط الجديد الذي يسيطر عليه الاحتلال، وبالتالي فصل الحي الذي يسكنه الآلاف عن مدينة القدس والنواحي الحياتية والدينية والثقافية والصحية والاقتصادية.

ويعد معبر رأس خميس المدخل الرئيس والمركزي لأكثر من ‬17 ألف مقدسي يسكنون الحي، وذلك للدخول والخروج إلى مركز مدينتهم القدس، منذ فصل حيهم عنها مع بناء الجدار الفاصل منذ سنوات.

تأثيرات سلبية

يقول، رئيس لجنة تطوير حي رأس خميس ومقاومة الجدار العنصري، جميل صندوقة لـ«الإمارات اليوم»: «تم إغلاق معبر الحي بشكل كامل، ويقوم الاحتلال حالياً بحفريات لاستكمال الجدار في حي رأس خميس، ووصله بالجدار المقام في مخيم شعفاط، وهو الهدف الرئيس لإغلاق المعبر، إذ إن المعبر كان يعيق عملية استكمال الجدار».

ويضيف أن «سكان الحي اعترضوا على إغلاق المعبر، وقاموا بتظاهرات سلمية، لكن الاحتلال اعتدى عليهم، وقام بعمليات اعتقال واسعة بصفوف السكان، كان آخرها مساء يوم السبت الماضي، حيث تم اعتقال سبعة شبان، ليصل عدد المعتلقين من داخل الحي منذ الاعتراض على قرار إزالة المعبر إلى ‬150 مقدسياً من رأس خميس».

ويؤكد صندوقة أن إزالة المعبر سيحرم سكان الحي من المدخل الرئيس الذي يعتمدون عليه في الدخول والخروج من وإلى الحي، خصوصاً العمال وطلاب المدارس، ما يضطر المئات من الطلاب إلى السير مسافة كيلومترين عبر طرق وعرة غير مناسبة لسير «الأغنام»، حتى يصلوا إلى معبر مخيم شعفاط، الذي يعد بالنسبة إليهم بعيداً عن مكان سكناهم.

ويشير إلى أن إزالة معير الحي واستكمال الجدار تسببا في إغلاق الشارع الرئيس لرأس خميس، وأصبح ذا مسلك واحد، بعد أن كان يوجد به مسلكان، وهذا ما أعاق حركة دخول السيارات ووسائل المواصلات إلى الحي.

ويلفت رئيس لجنة تطوير حي رأس خميس ومقاومة الجدار، إلى أن الحي يفتقر لوجود أي مواصلات داخلية، وهذا ما يدفع الطلبة والسكان للسير إلى مخيم شعفاط الذي تتوافر فيه المواصلات. ولا تنتهي معاناة سكان حي رأس خميس بالوصول إلى معبر شعفاط، إذ إن عددا كبيرا من الطلاب تنتظرهم حافلات المدارس خارج المعبر، ما يضطرهم أيضاً إلى السير مسافة كبيرة عبر معبر مخيم شعفاط، حتى الوصول للحافلات، ما يؤدي لتأخرهم، خصوصاً أن المعبر يشهد دوماً في ساعات الصباح أزمة خانقة، وذلك بحسب صندوقة.

ويقول صندوقة، إن «إقامة الجدار ستؤثر في حياة السكان القاطنين في الحي، كون الطريق المحاذية للجدار هي المنفذ الوحيد الذي يسهل عليهم الوصول عبر سياراتهم إلى معبر المخيم، وإقامة الجدار سيحول دون مرور عدد كبير من السيارات، وسيضطر السكان للبحث عن طرق فرعية داخل المخيم، ما يؤدي إلى مزيد من المعاناة والأزمات المرورية».

حياة معدومة

وتعود إقامة المعبر إلى عام ‬2004، حيث قرر الاحتلال إغلاق الشارع الرئيس للحي تمهيدا لإقامة الجدار، وتم إنشاء المعبر الذي تحول للتفتيش وتأخير المواطنين، حيث التهم الجدار نصف أراضي حي رأس خميس لمصلحة مستوطنة «ميغات زئيف».

ويفتقر حي رأس خميس، بحسب صندوقة، لأدنى مقومات الحياة، بل تنعدم فيه البنية التحتية، رغم أن سكانه يتبعون لإدارة بلدية الاحتلال في القدس، ويدفعون الضرائب المستحقة عليهم، وفي المقابل لا يحصلون على الخدمات الصحية والتعليمية، حيث يوجد داخل الحي مدرسة واحدة فقط لا تتوافر بها أدنى المواصفات المناسبة للتعليم، ويدرس فيها الأطفال من أربع مناطق، وهي رأس خميس، ورأس شحادة، ومخيم شعفاط، وضاحية السلام.

ويعد ثلثا سكان حي رأس خميس لاجئين فلسطينيين، تم إخراجهم من حي الشرف بحي باب المغاربة بالقدس، وتهجيرهم إلى حي رأس خميس، فيما تم تحويل الحي إلى ما يعرف بالحي اليهودي الذي يقطنه اليهود.

ويقول رئيس لجنة تطوير حي رأس خميس ومقاومة الجدار، إن معظم سكان حي رأس خميس يفكرون في أن يصطحبوا الخيام، ويستقروا في باحات المسجد الأقصى الذي هجّروا من محيطه قبل عشرات السنين، حتى يتم إيجاد حل لمعاناتهم، ففي حي رأس خميس لا يوجد أدنى خدمات، والحياة صعبة، ولعل الحياة في باحات الحرم القدسي أرحم بكثير.

قرار التفافي

يستعين سكان حي رأس خميس بجمعيات حقوق الإنسان العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، للاطلاع على أحوالهم وإثارة قضيتهم في المحاكم ووسائل الإعلام، ومن هذه الجمعيات جمعية حقوق المواطن، وهي جمعية حقوق إنسان يعمل بها فلسطينيون وإسرائيليون داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وكانت هذه الجمعية قد توجهت في أغسطس الماضي إلى وزارة الدفاع وللشرطة الإسرائيلية برسائل رسمية تطالبها فيها بعدم إزالة الحاجز، خصوصاً أن المئات يمرون من خلاله يومياً للوصول إلى أعمالهم، أو مدارسهم، أو زيارة عائلاتهم، أو لتلقي العلاج الطبي، أو لأداء الصلاة، وغيرها.

وتقول المحامية نسرين عليان من مركز حقوق المواطن، ومدير مشروع حقوق الإنسان في القدس الشرقية لـ«الإمارات اليوم»، إن «إغلاق حاجز رأس خميس أجبر سكان الحي على المرور عبر حاجز مخيم شعفاط الذي يمر من خلاله عشرات الآلاف من سكان القدس الذين يحملون بطاقات هوية إسرائيلية ويقطنون في أحياء ضاحية السلام، ومخيم شعفاط، ورأس خميس، ورأس شحادة، خصوصاً أن هذه الأحياء تقع ضمن منطقة نفوذ بلدية القدس، لكنها عزلت عن مركز القدس بواسطة الجدار الفاصل».

وتضيف «منذ ذلك الحين، تزايدت المشكلات التي يعانيها سكان تلك الأحياء، خصوصاً مع اهمال السلطات الإسرائيلية احتياجاتهم، ووجود نقص هائل في الخدمات البلدية وارتفاع نسبة الجريمة».

ويعد قرار وزارة الدفاع الإسرائيلي بإغلاق معبر حي رأس خميس، بحسب المحامية عليان، التفافاً على قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ ‬31/‬5/‬2005، الذي يقضي بعدم إغلاق معبر رأس خميس إلا إذا تم تحضير معبر مخيم شعفاط بشكل يسمح بمرور ‬5000 شخص في ساعات الازدحام دون انتظار، وكذلك تخصيص ثمانية مسارات للعابرين بالأقدام من ضمنها مساران للطلاب وأربع مسارات للسيارات ، وذلك بناء على قضية رفعتها لجنة تطوير حي رأي خميس ضد بناء الجدار حول حي رأس خميس.

وتشير عليان إلى أن الاحتلال لم يوفر أياً من هذه الشروط على أرض الواقع حتى هذه اللحظة، رغم أن معبر المخيم مقام منذ عام.

وكان الاحتلال قد حول حاجز شعفاط على امتداد ضواحي مخيم شعفاط إلى معبر كبير يعيق حركة الفلسطينيين سكان البلدات المقسدية من وإلى مدينة القدس، ويفصل هذا المعبر بلدات العيزرية وأبو ديس وعناتا وضاحية السلام ورأس خميس ومخيم شعفاط وعدداً من القرى والبلدات المقدسية عن المدينة الأم (القدس)، التي تعد مركز حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية.