اذا كان الانجليز يفتخرون بـ«تشرتشل» بطل الحرب العالمية الثانية فإننا يحق لنا ان نفتخر بـ«تشرشل الكويت» أسد التحرير الشيخ سعد العبدالله السالم رحمه الله واذا كانت قصة نجاح ماليزيا قادها «مهاتير محمد» القائد الوطني الماليزي لعقدين منذ 1981 صانع النهضة التنموية الماليزية من اعظم السياسيين والاقتصاديين في آسيا صاحب كتاب «معضلة الملايو» بعد ان اتهم الشعب الملايو بالكسل فجعل قدوته اليابان بسبب التشابه الكبير بين اليابان وماليزيا في الظروف وقلة الموارد، فركز على العنصر البشري مع تنمية المهارات وغرس المفاهيم مثل العمل الجماعي مع اهمية الانتماء للوطن والعمل على رفعته انتج سلعاً جديدة بأسعار زهيدة تفوقت علي سلع اوروبا فتسيد اسواق آسيا وافريقيا في ظل منهجية صناعية ممتلئة بالقيم المهنية واخلاقياتها فخلق التفاني والجدية بين القطاعات الاقتصادية، ولم ينس الخدمات الاجتماعية.
اما اهم (3) ملفات اعطاها الاولوية فهي: -1 ملف التعليم صرف عليه 3.8 مليارات دولار بنسبة %23.8 من اجمالي الانفاق، -2 ملف التصنيع خلق 15 ألف مشروع صناعي بإجمالي رأسمال 220 مليار دولار شكلت المشاريع الاجنبية حوالي %54، ما يكشف عن مدى اطمئنان المستثمر الاجنبي وظلت المشروعات المحلية %46، -3 ملف الخدمات الاجتماعية ووفر به مليوني وظيفة للمواطنين ونقل التقنيات الحديثة وتطوير المهارات العمالية الماليزية مع الاهمية في الطفرة بمشروعات الاتصالات والمعلومات في خطة التنمية وكل ذلك كان وفق رؤية استراتيجية واضحة المعالم.
وهذا كله تحت مظلة اعتزاز في جوهر الاسلام لا قشوره مع تطبيق تعاليمه التي تدعو الى العلم والعمل والتقدم مع قضائه على أي محاولة لاثارة الفتنة بين التركيبة الصعبة للمجتمع الماليزي وبكل حزم.
نعم واذا كان الماليزيون يفتخرون بمهاتير محمد، فنحن ايضا كلنا فخر بـ«د.محمد الصباح» بنزعاته الاصلاحية ومواقفه السياسية وتحذيراته الاقتصادية، فها هو بالأمس يحذر في محاضرة بالجامعة من اتباع سياسة «جزيرة ناورو» بين هاواي واستراليا، وكيف كانت هذه الدولة الصغيرة تتمتع بكافة النعم من الوفرة المالية الى الرفاهية الا انه لا توجد بها خدمات مع ضعف بالبنية التحتية، فالمعادلة فيها كانت انفاقاً استهلاكيا بلا أي ضرائب في ظل سياسة ارتفاع الرواتب مع انخفاض سعر الفوسفات في الاسواق العالمية وهو المصدر الوحيد بالجزيرة ومع الانفاق الحكومي العالي ودعم الخدمات لتغطية العجز في الميزانية اضطرت الى الاستدانة المستمرة مما رفع نسبة العجز وخفض تصنيف الدولة الائتماني ومحذرا من ان سعر النفط سوف ينخفض ايضا مثلما انخفض سعر الفوسفات.. «وان البكاء على اللبن المسكوب لا يفيد».
واليوم ها هو د.محمد الصباح يعلن أن الكويت من اكثر الدول الخليجية فسادا وسنواجه عجزا بمبلغ 100 مليار دينار في 2030 حال استمرت السياسة المالية المنفلتة بالدولة وهي تراجعت في مؤشر التنافسية العالمية ومعظم المتورطين بالفساد يشغلون الوظائف العليا والقيادية وهناك قصور تشريعي وراء ملف الايداعات المليونية معلناً «جرس الانذار»، إذ إن الاجور قفزت الى %325 والدعومات الى %555 والانفاق الاستثماري %7 فقط؟!! وقد لا يستطيع احتياطي الاجيال سد العجز.
نعم يا دكتور ان هذا الهدر اللامسؤول وتبديد اموال الدولة والاجيال القادمة كان المسؤول الاول عنها رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد وحكومته التي كان همها الأول هو الحفاظ على الكراسي دون تفعيل اختصاصاته الدستورية؟ نعم ماذا نعمل والحكومة السابقة والمجلس قد سيدوا جمعية الشفافية الكويتية ليفرضوا اجندتهم الاخوانجية بقيادة صلاح الغزالي رغم ان الشفافية التي تنطلق من خيمة اليرموك قد ظللت الدولية حتى انها ربطت مدركات الفساد بمواقف سياسية للتأثير في سمعة الكويت وكان ذلك بنفس اخونجي بالتزامن مع «ظرف الربيع العربي المزعوم» والذي يا د. محمد قلت ان الحكومة كانت تتمتع في هذا الربيع العربي منذ 63 أيام بدستور عبدالله السالم رحمه الله، نعم ماذا تعمل يا دكتور وها هم «نواب عبدة الكراسي» يعلنون، -1 ان «التشريعية» توافق على اقتراحات لزيادة المرتبات بعد معاناة الاسر الكويتية، -2 يعلن المعارض الجديد أن توحيد سلم الرواتب قد يمتد الى دور الانعقاد المقبل وتؤكد لجنة الموارد البشرية اقرار قانون مكافأة نهاية الخدمة في الانعقاد الحالي اصبح الاصلاح معكوساً لا خوش موارد بشرية مكافأة نهاية الخدمة؟!! وهذا كله والأخ وزير المالية يعلن أن العجز حتمي والإنفاق الحالي يؤدي الى تآكل الاحتياطيات.
ان المشكلة يا دكتورنا العزيز أننا في الكويت مضيعين البوصلة، فالحكومات منذ امد بعيد ليس لها رؤى واضحة أو هدف واحد تريد تحقيقه فمثلا دبي سياحة والبحرين مركز مالي والسعودية الصناعة وقطر سياحي مالي، اما نحن فهمنا الاول الصرف على الباب الاول، اما معارضتنا فهي «طلبانية الهوية، قبلية العقيدة، مراهقية النهج»! كل هذا خلق شعباً بشعور متبلد كل همه «انتقاد ألوان» الإصدار النقدي الكويتي السادس الجديد؟! واذا كان مهاتير محمد قد شعر بكل فخر بأنه قد انتهى من اداء رسالته فأعلن استقالته وهو على قمة الجبل حتى ترك كافة المناصب الحزبية، بقرار تاريخي!، فهو اذن لم يكن حدثاً عابراً بل كان اطول زعماء شرق آسيا من المنتخبين حكماً وباسمه ارتبط النهوض بماليزيا محليا ودوليا حتى اثارت استقالته جدلا واسعا ظل يعتقد الكثير أنها مناورة سياسية! بينما يحق لنا ان نطالب د.محمد الصباح بأن يشارك في الحكومة من خلال الحوار الجدي بالنظرة الثاقبة بنزعته الاصلاحية والاقتصادية، فمثلا كان هناك لك موقف سياسي مشرف وشجاع ويقوم على المبادئ بالاستقالة السياسية بعد فضيحة ملف الايداعات والتحويلات وذلك حماية لسمعة ضميرك الحي وانت تعلن أنا ابن صباح السالم صاحب شعار «أنا وشعبي كلبونا جماعة» الا ان الحقيقة المرة هي ان ما يسمى بمعارضة «طلبان» لم تكن على قدر المسؤولية الوطنية والسياسية والاصلاحية في الدفاع وحماية امثال د.محمد، بل كل همها كان تصفية الحسابات من خلال الانا السياسية المتضخمة وان الاصلاح يدور حول وجود عدما بوجودهم واذا كنت يا دكتورنا تدعو الى «الحوار» للخروج من حالة التراجع واللااستقرار فنحن ندعوك الى العودة للمشاركة في الحكومة، أما الحوار مع الطرشان أو «لن نسمح لك» أو غوغائية الشارع فهي مضيعة للوقت، لأن همهم كراسيهم لا أوطانهم.