مازالت الأسئلة التي اعتدت سماعها، في كثير من الديوانيات، “هيّه هيّه“، والأجوبة “هيّه هيّه”: “لماذا لا تنتقد المعارضة؟ لماذا تتعامل معها كأنها معصومة من الخطأ ومصونة عن النقد؟”… هذه الأسئلة، مع بعض التفصيل، أحياها مغرد في “تويتر”، وإجابتي عنها كالتالي:
أولاً، أظن أن المعارضة رأت “كل وجوهي”، الوجه الضاحك، والمتحمس، والداعم، وأيضاً العابس. بل أزعم أنني الإعلامي الوحيد الذي تحدث عن ضرورة “تنظيف البيت”، ورشّ المبيدات على أرضياته، وإعادة ترميم جدرانه وتفقد شقوقها… قلت ذلك وكررته، رغم صيحات الزور “لا تشقوا عصا المعارضة”، “يجب توحيد الصفوف”، وأنا مع هؤلاء الصائحين في عناوين مطالبهم، لكن الأمور ليست كما تبدو من بعيد… الأمور مختلفة جداً عند من يقف ويمعن النظر في تصميم البيت وبنائه.
ثانياً، أعتقد أنه ليس من الحصافة، في مقابل كل أسلحة السلطة وأعوانها وأدواتهم التي يمتلكونها، من حاملات طائرات الكذب والتزوير، وصواريخ التشويه والافتراء، والمدرعات التي تضرب المناطق المحرمة، ووو… أقول ليس من الحصافة أن أقوم أيضاً بقصف “القوات الصديقة” في العلن.
على أن كثيراً مما يغضب أطراف المعارضة وقياداتها وشبابها سمعوه مني ومن غيري في الغرف المغلقة، وفي الديوانيات، وفي المكالمات الهاتفية. وقد لا أذيع سراً إن قلت إنني ممن يختلفون مع المعارضين الداعين إلى “شن الحرب على كل الخصوم في وقت واحد”.
وأول الأبجديات في مادة “إدارة المعركة”، في العلوم العسكرية، تقول: “احرص على تحييد أكبر عدد من أعدائك الثانويين، كي تتمكن من محاربة العدو الرئيس”. وكلنا شاهد كيف فتح بعض المعارضين جبهات المعركة مع عدد كبير من الخصوم الثانويين، وهو برأيي خطأ تكتيكي فادح.
فإذا انشقت كتيبة من العدو، وطالبتنا بقبولها، وأرادت الانضمام إلينا، فليس من الضروري قبولها وتبادل الأحضان والقبلات مع مقاتليها، خصوم الأمس، وفي المقابل ليس من الذكاء أن نعاديها فندفعها إلى العودة إلى جيش العدو! الحل برأيي هو تركها تحارب عدونا المشترك بطريقتها، بعيداً عنا.
هذا إذا كنا نفكر بعقليات القادة، أما إذا كنا نحرص على صيحات تأييد البسطاء، فتلك قضية أخرى، يحدها الغباء شمالاً، والسذاجة جنوباً، وقصر النظر شرقاً، والهزيمة المحققة غرباً.
ياعزيزي، الحديث عن أخطاء المعارضة أطول من أشجار الأمازون، وأعرض من الميسيسيبي، وأسخن من البراكين، لكن يجب قصره على الغرف المغلقة، كما يفعل خصومنا تماماً. والمتابع يعرف كيف يتعامل خصمنا مع “المنشقين” من المعارضة. كيف يحتويهم، ويسبغ عليهم من الخيرات، ويتبادل معهم الأحضان والضحكات، ويتناسى كل ما فعلوه وقاموا به.
هي المعركة يا عزيزي، وهم الأكثر عدة وعتاداً وسلطة، فإن قدناها بعقلية قائد مفكر هزمناهم، وإن قدناها بحماسة الجنود وإخلاصهم، فقط، فبشر خصمنا بالنصر المبين.