قمة الكويت الآفرو-عربية: القرض قبل الفرض !

بعد انتهاء معظم الخطب الرئيسية التي شهدتها الجلسة الافتتاحية للقمة العربية الافريقية في الكويت، غادر رئيس الوفد السعودي الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية الحيوي، مقر الاجتماع عبر بوابة قادته إلى إحدى قاعات القصر الأنيق، قصر بيان، حيث كان في انتظاره عدد من اللقاءات الثنائية، واتفاقيات الإقراض التي انبرى وزير المالية إبراهيم العساف لتوقيعها مع سبع دول إفريقية.   ولعل هذا المشهد قد تكرر أكثر من مرة، وإن تغير أبطاله، وهم من الخليج على الأغلب، في إطار رغبة مشتركة من الجانبين لتوثيق عرى التعاون، بين دول العالم العربي وأفريقيا، في وقت يشهد فيه العالم استقطابات لا حد لها، وقد تلعب أفريقيا دورا في ذلك مستقبلا، كونها كتلة تصويتية ضخمة في الأمم المتحددة، ولديها تماس مع معظم القضايا العربية، خصوصا في الجانب الأمني منها.    واعلنت المملكة العربية السعودية توقيع سبع اتفاقيات على هامش القمة العربية الافريقية الثالثة بين الصندوق السعودي للتنمية وسبع دول افريقية هي أوغندا وإثيوبيا وبوركينا فاسو وتشاد وسيراليون وموريتانيا وموزمبيق. كما أعلن أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح رئيس القمة العربية الافريقية الثالثة عن تقديم الكويت قروضا ميسرة للدول الافريقية بمبلغ مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة.   وتنعقد القمة تحت شعار “شركاء في التنمية والاستثمار”، وتركز على ملفات عديدة من بينها ملف الإرهاب وسبل التعاون في مجالات الاستثمار المختلفة، خصوصا الجانب الزراعي الذي توليه دول الخليج أهمية كبيرة، إضافة لقضية الهجرة من الدول الإفريقية للعربية، والتي أصبحت شأناً مؤرقاً لعدد من الأجهزة الأمنية في المنطقة.   وهذه القمة هي الثالثة من نوعها بعد ان استضافت مصر القمة الاولى في عام 1977، كما عقدت في ليبيا القمة الثانية عام 2010 التي حولها العقيد معمر القذافي إلى منصّة لإلقاء النكات على الضيوف، كان أولهم صديقه حينها أمير قطر السابق الشيخ حمد آل ثاني.   ويبدو أن هنالك رغبة عربية في إعادة التموضع بشكل أكبر في القارة الأفريقية من خلال الدول العربية في شمال أفريقيا، عبر بوابة الاقتصاد والاستثمار، كونه المدخل الأسرع إلى قلب قارة تعاني انهيارا اقتصاديا مزمنا، وترديا في البنية التحتية في معظم بلدانها، ناهيك عن الأمن المفقود في أكثر من نصف دول القارة. وتريد الدول العربية من خلال هذه الاتفاقيات الإقراضية مع الدول الافريقية، تفعيل التحالف السياسي مع مجموعة كبيرة من الدول ومحاربة التطرف الديني، ومنعها من أن تكون بوابة للتقدم الإسرائيلي والإيراني في الشرق الأوسط، وكذلك أن تكون سلة غذاء زراعية في المستقبل.   وكان أهم مبحث خلال هذه الاجتماعات تفعيل الجانب الأمني في افريقيا كي يكون بوابة لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الاستثمارات العربية، والخليجية خصوصا، حيث طالب الخليجيون بضمانات أمنية، وتشريعية، لضخ استثمارات أكبر في القارة. ولعل الخليجين أكثر حماسا لدخول أفريقيا من غيرهم من أشقاءهم العرب، بغية وضع حد للهجرة غير المشروعة، التي اكتوت شقيقتهم الكبرى السعودية بنارها، ثم تعزيز الأمن الغذائي، والأهم من هذا كله أنها الدول الوحيدة غير الجريحة بآثار الربيع العربي، ولديها سيولة مالية تبلغ تريليونات الدولارات.   وبين جنبات القاعة الأنيقة ذات السقوف العالية في قصر بيان، المنطقة العريقة في العاصمة، تبادل رؤساء الوفود الأحاديث الجانبية قبيل بدء أعمال القمة، وكان أمير قطر الشيخ تميم أكثر المتحدثين، حيث أجرى عدة أحاديث سريعة مع وزير خارجية البحرين، ورئيس السلطة الفلسطينية، ورئيس اليمن، ووزير خارجية عمان. أما أتعس الحاضرين فقد كان الرئيس اللبناني ميشال سليمان الذي تلقى خبر التفجير في الضاحية خلال فعاليات الجلسة الافتتاحية للقمة، وقرر الإدلاء بتصريحات صحافية للوكالة الوطنية في إحدى الممرات الجانبية داخل قصر بيان الذي جرت فيه فعاليات المؤتمر.   ولوحظ حضور كافة أقطاب الحكم في الكويت، سواء أولئك الذين يشغلون مناصب رسمية في الدولة، أو الذين غادروا العمل السياسي، مثل الشيخ ناصر المحمد رئيس الوزراء السابق، الذي حرص كثير من الشبان الكويتيين على التقاط الصور التذكارية معه، والشيخ محمد الصباح وزير الخارجية السابق. وكان لفتة إنسانية من أمير الكويت أن وجه تعازيه الشديدة لوزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في وفاة أخته، ثم دخل زيباري في عناق مؤثر مع ملك الأردن، الذي كان حيويا ومبتسما طوال فعاليات القمة .

 

 

المصدر: إيلاف