«الحرية والعدالة» يؤكد أن الخطاب بروتـوكولي ويطالب بتغيير صيغته
غضبة مصرية مـن مخاطبة مرسي لبيريز بعبارة «صـديقكم الوفي»
وجهت قوى معارضة مصرية انتقادات حادة الى الرئيس محمد مرسي، بعد ارساله خطاباً الى نظيره الاسرائيلي اتسمت عباراته بالود والحميمية، وشككت جماعة الإخوان المسلمين في البداية في صحة الخطاب، لكنها تراجعت بعد تأكيد الرئاسة صحته، فيما برر حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الجماعة الخطاب بأنه «بروتوكولي تغلب عليه البيروقراطية القديمة».
نص خطاب مرسي إلى بيريز
عزيزي وصديقي العظيم لما لي من شديد الرغبة في أن أطور علاقات المحبة التي تربط لحسن الحظ بلدينا، قد اخترت السيد السفير عاطف محمد سالم سيد الأهل، ليكون سفيراً فوق العادة، ومفوضاً من قبلي لدى فخامتكم، وإن ما خبرته من إخلاصه وهمته، وما رأيته من مقدرته في المناصب العليا التي تقلدها، ما يجعل لي وطيد الرجاء في أن يكون النجاح نصيبه في تأدية المهمة التي عهدت إليه فيها، ولاعتمادي على غيرته، وعلى ما سيبذل من صادق الجهد، ليكون أهلا لعطف فخامتكم وحسن تقديرها، أرجو من فخامتكم أن تتفضلوا فتحوطوه بتأييدكم، وتولوه رعايتكم، وتتلقوا منه بالقبول وتمام الثقة، ما يبلغه إليكم من جانبي، لاسيما إن كان لي الشرف بأن أعرب لفخامتكم عما أتمناه لشخصكم من السعادة، ولبلادكم من الرغد. صديقكم الوفي محمد مرسي |
وحمل أستاذ العلوم السياسية والناشط الدكتور حسن نافعة، مرسي ووزير خارجيته محمد عمرو، والسفير المصري الجديد لدى الكيان الاسرائيلي، عاطف سالم، مسؤولية الخطاب المهين الذي تقدم به السفير لرئيس اسرائيل شيمون بيريز. وقال نافعة، لـ«الإمارات اليوم»، إن «الرئيس والوزير والسفير، اطلعوا على صيغة الخطاب التي تحمل عبارات الود لرئيس الكيان الاسرائيلي ووافقوا عليها وهو ما يحملهم جميعا المسؤولية امام مصر الثورة التي تسعى للاستقلال والسيادة الوطنية»، وأشار نافعة الى أن «الخطاب نسخة من خطابات الرئيس المخلوع حسني مبارك التي كان يعتبر فيها قادة اسرائيل اصدقاء اوفياء»، مطالباً بضرورة ان يتحدث الرئيس الى الشعب الذي جاء به ليقول له الحقيقة في ملابسات الخطاب، وما اذا كانت هذه الكلمات الفياضة هي تعبير عن سياسة الرئيس، ام ان الخطاب تم توقيعه من الخارجية ولم يطلع عليه الرئيس».
ورفض نافعة الحجة القائلة بأن الرئيس وقع على الخطاب تحت تدليس عناصر قديمة في القصر الجمهوري، بزعم ان خطابات الاعتماد جميعها تصاغ بلغة واحدة، وأن الخطاب تم توقيعه في 17 يوليو الماضي، اي بعد 18 يوماً فقط من توليه الرئاسة، وقال «لا يمكن قبول ان الرئيس تم الضحك عليه لأن هذه مصيبة اخرى»، وأضاف نافعة أن «مرسي مطالب بتغيير لغة الخطاب لاسرائيل بشكل خاص، حتى يعلم قادتها ان هناك تغييراً قد حدث في السياسة المصرية بعد الثورة».
من جهته، انتقد الإعلامي حمدي قنديل الخطاب، معلقاً على حسابه على «تويتر»، «على الرئيس مرسي أن يوضح لنا كيف توطدت صداقته بصديقه العظيم (بيريز)، وما الذي يبيتانه لنا ولقضية فلسطين من وراء هذه الصداقة».
وهاجم الخطاب أيضاً كل من منسق حركة كفاية السابق القيادي الناصري عبدالحليم قنديل ، وقائد المقاومة الشعبية في السويس في السبعينات ضد الاحتلال الاسرائيلي حافظ سلامة، والقيادي الاخواني السابق محمد حبيب والكاتب الصحافي مصطفى بكري، والقيادي السلفي ممدوح اسماعيل، كما أعلن القيادي الاخواني وأمين نقابة المحامين بالاسكندرية انشقاقه عن الجماعة على سبيل الاحتجاج. وفور نشر صورة الخطاب في وسائل الاعلام المصرية، نقلا عن صحيفة «ذا تايم أوف إسرائيل»، طالبت قوى سياسية وحركات ثورية بمحاسبة الرئيس مرسي، على امتداحه رئيس الكيان الاسرائيلي، ومخاطبته بلغة حميمية، واعتبرت «حركة قادمون»، أن الرئيس مرسي يستخدم لغتين وخطابين، الاول معلن للعب بمشاعر الجماهير، ويتضمن تأييدا للحقوق الفلسطينية ورفضا للمسلك الصهيوني، والآخر يتضمن كل عبارات الود والحميمية لاسرائيل كما جاء في خطاب اعتماد السفير.
بدوره، طالب الناشط في الحركة، عماد الرويني، بإجراء محاكمة شعبية للرئيس مرسي، في ميدان التحرير، وقال الرويني لـ«الإمارات اليوم»، إن «الخطاب الذي نفته الرئاسة ثم عادت لتعترف به، يعد فضيحة بكل المقاييس للرئيس المنتخب بعد الثورة لأنه يظهر تبني مرسي لسياسات مبارك تجاه اسرائيل، كما انه يؤيد التفسير القائل بأن عمليات الجيش المصري في سيناء ضد العناصر الجهادية تتم بالتنسيق مع اسرائيل للحفاظ على أمنها، وليست حفاظاً على الأمن المصري».
وقال بيان أصدره حزب 6 ابريل حول الخطاب إن «أول ما أثار الحنق والاشمئزاز هو الإنكار والنفي الذي أعلنته الرئاسة، عندما تمت إثارة هذا الموضوع في شهر أغسطس، ثم الإنكار والنفي مرة أخرى في الأيام الماضية، والتراجع قليلاً في الأقوال لأنه لا علم للرئيس بمثل هذا الخطاب دون نفي إرساله هذه المرة، ثم الإقرار بأنه تم إرسال هذا الخطاب الموقع بتوقيع الرئيس، وأن هذه إجراءات دبلوماسية واجبة»، وتابع البيان «أن من أهم الأشياء التي افتقدتها الرئاسة في التحقيق هي الشفافية والصدقية في عرض الأمور وتوضيحها».
من جهتها، شنت قيادات بجماعة الإخوان المسلمين في البداية هجوماً عنيفاً ضد الصحافة الإسرائيلية، واتهمتها بالكذب بشأن الخطاب، وقال رئيس قسم نشر الدعوة بجماعة الإخوان المسلمين، الدكتور عبدالخالق الشريف في ردة فعل أولية حول الخطاب إن «الله وصف اليهود بالكذب والبهت». وأضاف الشريف في تصريحات لـ«اليوم السابع»، «منذ متى وكان اليهود صادقين؟، وكيف نصدقهم، وقد وصفهم الله الذي خلقهم بالكذب، وقال، إنهم قوم بهت، يكذبون منذ أن خلقهم الله، إلى أن يهلكهم الموت»، لكن الجماعة عادت لاحقا وتراجعت عن هذه الاتهامات بعد أن أكدت الرئاسة المصرية صحة الخطاب الموجه من مرسي الى بيريز.
من جهته، فال القيادي بحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان، حسن البرنس إن «خطابات اعتماد السفراء يتم صياغتها بلغة واحدة»، مؤكداً لـ«الإمارات اليوم» أن «جميع الخطابات تعتمد على صيغة واحدة بوزارة الخارجية وهو نظام دبلوماسي معمول به منذ عشرات السنين ولا يعكس على الاطلاق مستوى العلاقة بين البلدين»، مشدداً على أن «الخطاب ليس شخصياً من مرسي الى بيريز، حتى يتم محاسبته عليه ولكنه خطاب بروتوكولي تغلب عليه البيروقراطية القديمة»، معترفاً «بضرورة تغيير هذه الصيغ لتتناسب مع مصر الثورة».