«عودة الوعي».. الحكيم يصدم الناصريين
صدم كتاب «عودة الوعي» للأديب الراحل توفيق الحكيم كثيرين من الناصريين، ممن اعتبروا الكتاب هجوماً على «رمز وزعيم»، وتصفية حسابات من كاتب اعتبره الراحل جمال عبدالناصر، أباً روحياً لثورة 1952 في مصر.
رأى «عودة الوعي» النور في عام ،1972 بمناسبة مرور 20 عاما على الثورة. وفصل فيه صاحب «عودة الروح» و«بجماليون»، ذكرياته مع ثورة ،52 وكيف أنه رحب بالكثير من قراراتها، معترفاً بخطئه في ذلك، مشيرا الى أنه حاول البعد عن أصحاب القرار، وحينما طلب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لقاءه رفض ذلك، ولقبه أحد الصحافيين بالرجل الذي رفض مقابلة عبدالناصر.
أكد توفيق الحكيم في الكتاب أنه أحب عبدالناصر الشخص والإنسان، لكن لديه الكثير من المآخذ على عبدالناصر الحاكم الفرد، والزعيم الأوحد. ورغم ذلك التأكيد، فإن الحكيم ذهب بعيداً في الانتقاد؛ فعبدالناصر «لم يكن رجلاً سياسياً ولم تكن له قط طبيعة رجل السياسة التي يملكها رجال اتصل بهم وعرفهم مثل نهرو وتيتو. ومن المعروف أن نهرو قال لعبدالناصر في عبارة رقيقة موحية إنه يحتاج الى قليل من الشعر الأبيض. وهو يقصد بلا شك قليلاً من الرزانة والحكمة والتجربة». تتبع الحكيم كل الصفحات التي رآها سوداء في الحقبة الناصرية، وفي مقدمتها طريقة تعامل «ناصر» مع عدوان ،1956 وحرب اليمن، وكذلك هزيمة ،1967 التي سماها البعض تخفيفاً بالنكسة، وكذلك جو المخابرات والرقابة والتعذيب. ويقسو الحكيم قائلاً: «استمر (عبدالناصر) في كرسي الحكم على مصر والزعامة الناصرية على العرب جميعاً، تلك الزعامة التي خربت مصر ونكبت العرب، ونحن ليس لنا حيلة ولا قوة الا التعلق به، لأنه جردنا طول الأعوام من كل فكر مستقل ومن كل شخصية قوية غير شخصيته هو».
من جانبهم، تساءل ناصريون: كيف عاد الوعي الى صاحبه بعد 20 عاماً، بعد ان مات عبدالناصر؟ ولماذا سكت الحكيم طول هذه المدة عن الأخطاء التي تناولها كتابه؟ مشيرين الى أن بعض ما كتبه الحكيم متناقض مع ما كتب في حياة الزعيم الراحل.
وكتب محمد حسنين هيكل راداً على الحكيم وغيره «أبسط شيء يمكن أن يقال لهم هو أنهم كانوا أشباحاً خائفة، أشباحاً ضعيفة. من يملك الشجاعة لا ينتظر الموت ليمارس شجاعته.. فضلاً عن ان الذين كتبوا مذكرات، مع الأسف الشديد، وبالرجوع الى مواقفهم جميعًا، لم يكن هنا أسبق منهم الى حرق البخور أمام عبدالناصر».