لم يكن من الحصافة إحالة قانون الانتخابات الحالي إلى المحكمة الدستورية.
للحكومة دستوريا، أن تمارس حقها في إحالة قانون الانتخابات إلى المحكمة الدستورية، لكنه – كتصرف سياسي – لا يتسم بالحصافة، ويعاني نقصا في الحكمة، بل وغيابا لها، فهو لن يحصّن القانون من الطعن، ولن يخرجنا من الأزمة، بل قد يزيدها اشتعالا، فهو يقدِّم للسلطة خيار إصدار قانون انتخابات بمرسوم على طبق من ذهب، فإذا ما أصدرت المحكمة قراراً أو حُكماً بعدم دستورية القانون، فإن ذلك يفتح الباب مشرّعا للسلطة لكي تصدر قانونا للانتخابات بمرسوم، من دون عرضه على مجلس الأمة، لأنه غير موجود، وهذا سيضع البلد على أعالي درب الزلق، وقد نتزحلق إلى حفرة نغطس فيها، من دون وجود تصوُّرات مطروحة من الحكومة عن كيفية الخروج من الحفرة، فتجاربنا السابقة مع الحكومة عندما تنفرد بإصدار قانون للانتخابات لا توفر التفاؤل والاطمئنان، وتجاربنا معها من تزوير الانتخابات عام 1967، وإصدارها قانون انتخابات عام 1981، الذي أدَّى إلى إسقاط مرشحي المعارضة – آنذاك – ومن أبرزهم جاسم القطامي وأحمد الخطيب، حيث حصل كل واحد منهما بانتخابات عام 1963 على نسبة 90 في المائة من أصوات الناخبين في دائرتيهما، ومرشحو المعارضة الذين أسقطتهم السلطة بتكتيك قانون انتخابات 1981، وتقديمها تعديلات على الدستور تنزع صلاحيات مجلس الأمة الرقابية، ثم حل مجلس 1975، وتعليق الدستور بأمر أميري حل مجلس الأمة عام 1976، ثم حل مجلس 1985 أيضا، وتعليق الدستور من دون أسباب، فلم تكن هناك أي صِدامات بين الحكومة والمجلس.. وهذا ما أدَّى إلى الاحتجاجات التي عرفت بـ«دواوين الاثنين»، وقد شارك في الاحتجاجات جميع شرائح المجتمع.
المجلس الوطني
وتقدمت الحكومة في نهاية تلك المرحلة عام 1990 باستبدال مجلس الأمة المنتخب، بما سمي بالمجلس الوطني، نصفه منتخب ونصفه معين، وقد قاطع المواطنون المشاركة في الانتخابات.
ونتذكر أن حركة الاحتجاج التي شهدناها الصيف والخريف الماضيين تعود في جذورها إلى رفض الحكومة عام 2005 الموافقة على قانون الدوائر الخمس، وما أدَّى إلى استجواب رئيس مجلس الوزراء، واتخذت السلطة قراراً بحل المجلس، ثم عادت بعد انتخابات عام 2006 إلى تبني نظام الدوائر الخمس، وقدمت للمجلس، الذي أقره، وعملوا به منذ انتخابات 2008.
مرئيات الحكومة
مرئيات واقتراحات الحكومة بشأن قانون الانتخابات وتوزيع الدوائر التي سربت ونشرتها بعض الصحف، وهي عبارة عن نقل أجزاء من دوائر معينة وإضافتها إلى دوائر أخرى، لكي تكون نتائج الانتخابات ملبية لمطالبها بإيجاد أغلبية موالية ومعارضة صغيرة غير مؤثرة، وفيها اعتماد التصويت بصوت واحد أو اثنين للناخبين.. وهذا سيفتح الباب لسوق شراء الأصوات الذي ستكون فرصه أكبر الآن، بعد توافر الخبرة لدى الوكلاء والسماسرة المتزايدين وزيادة عدد الناخبين، وسيعني طرح الانتخابات في مزايدة.
هذا المخطط إذا كان حقا موجودا، فسيكون وقودا لإنعاش حركة احتجاج، قد تكون واسعة، وإذا تجاهلتها السلطة أو حاولت قمعها بالطريقة التي نفذت بديوان الحربش، فذلك سيؤدي إلى تصعيد واشتعال حركة احتجاج واسعة، فالناس لن ترضى بالعودة إلى الوراء. والحديث عن العودة إلى قانون الـ 25 دائرة في حال ألغت المحكمة قانون 5 دوائر غير منتج، لأن نظام 25 دائرة يعاني الخلل نفسه، أي التفاوت في الأعداد بين المناطق، وهو السبب نفسه للطعن بقانون الدوائر الخمس.
طبعا، الآن أصبح أمامنا خياران، الأول مازال ممكناً، وهو التفكير في تعديل قانون من خلال مجلس 2009.. وهذا خيار قائم، قانونيا ودستورياً، وما يعيقه هو رفض الكتل السياسية التعامل معه، بحجة أنه مجلس ميِّت، سبق أن تم حله على خلفية الإيداعات المليونية للنواب.
الآن، يبقى خيار آخر، وهو التزام الحكومة بتبني المشروع الذي قدم من النواب إلى المجلس السابق، وهو أن تكون الكويت دائرة واحدة والانتخاب النسبي، وهذا المشروع سبق أن قدِّم عام 2007 ثم قدم مشروعان من النواب في عام 2012. ويمكن اعتبار هذا المشروع أساساً للتفاوض، فإذا كان ولا بد من إصدار مرسوم بقانون، بعدما تلغي المحكمة الدستورية قانون الدوائر الخمس، فالخيار الأفضل يكون هو التوافق بين الحكومة والكتل النيابية لإصدار قانون الدائرة الواحدة بقوائم نسبية، وتنشر في ما يلي، لاطلاع القراء على مواد قانون الدائرة الواحدة والتصويت النسبي، وبعض أجزاء المذكرة الإيضاحية لفائدة القارئ:
المادة الأولى
أن تكون الكويت دائرة انتخابية واحدة، ويكون الترشيح لعضوية مجلس الأمة بقوائم لا يجوز أن يزيد عدد المرشحين في أي منها في الانتخابات العامة، أو في الانتخابات التكميلية على عدد الاعضاء المطلوب انتخابهم.
المادة الثانية
تقدم طلبات الترشيح على النموذج المعد لذلك خلال عشرة أيام، اعتباراً من اليوم التالي لنشر مرسوم أو قرار الدعوة للانتخابات العامة، أو الانتخابات التكميلية، وفق الأحوال.
ويجب على المرشح أن يوقع قرين اسمه في نموذج الترشيح، وإذا تضمَّنت القائمة أكثر من مرشح، وجب أن يوقع كل مرشح فيها قرين اسمه.
المادة الثالثة
يُعطى لكل قائمة رقم، وتحديد أرقام القوائم عن طريق قرعة علنية تجريها إدارة الانتخابات في وزارة الداخلية بين جميع القوائم، وذلك في الساعة التي تحددها الإدارة في اليوم التالي لإغلاق باب الترشيح، وفقا لحكم المادة السابقة، وتعلن الإدارة المذكورة في اليوم ذاته أرقام جميع القوائم وأسماء المرشحين في كل قائمة، وذلك وفقاً لأسبقية تسلسل أسمائهم في نموذج الترشيح المشار إليه في المادة السابقة.
المادة الرابعة
يكون تصويت الناخبين للقوائم، وفق أرقامها المعلنة، ووفقا لحكم المادة السابقة، ولا يجوز للناخب أن يصوِّت لأكثر من قائمة واحدة، وإلا اعتبرت ورقة التصويت باطلة.
المادة الخامسة
يعلن فوز القائمة أو أي عدد من المرشحين فيها في الانتخابات العامة، وفي الانتخابات التكميلية، وفقاً لأسبقية تسلسل أسمائهم في نموذج الترشيح المشار إليه في المادة الثانية من هذا القانون، وذلك بقسمة جميع الأصوات الصحيحة التي أعطيت على عدد الأعضاء المطلوب انتخابهم، وتكون نتيجة هذه القسمة هي العدد المطلوب من الأصوات اللازمة لفوز مرشح واحد، ويجبر الكسر في نتيجة القسمة إلى واحد صحيح، فإذا كانت القائمة لا تتضمَّن سوى مرشح واحد، وحصلت على العدد المطلوب من الأصوات اللازمة للفوز المشار إليه في الفقرة السابقة، أعلن فوز القائمة، أما إذا كانت القائمة تضم أكثر من مرشح، فيجب أن يتحقق لكل مرشح فيها العدد المطلوب من الأصوات اللازمة للفوز لكي يكون فائزاً.
المادة السادسة
إذا لم تسفر نتيجة الانتخابات عن فوز العدد المطلوب لعضوية مجلس الأمة في الانتخابات العامة، أو في الانتخابات التكميلية أو لم يفز أحد وفقا لأحكام المادة السابقة، تم استكمال عدد الأعضاء من بين المرشحين الذين لم يحققوا العدد المطلوب من الأصوات اللازمة للفوز المشار إليه في المادة السابقة، وأعلن فوز من حصل على أكبر عدد من الأصوات يلي العدد المطلوب للفوز، ثم من يليه في عدد الأصوات.. وهكذا حتى يتم استكمال العدد المطلوب لعضوية المجلس، فإذا حصل مرشحان أو أكثر على أصوات متساوية في أدنى مستواها، بما يجاوز عدد أعضاء مجلس الأمة، اقترعت لجنة الانتخابات في ما بينهم وفاز بالعضوية من تعينه القرعة.
ومن أجل ما سلف بيانه، أعد هذا الاقتراح بقانون، ناصاً في مادته الأولى على أن تكون الكويت دائرة انتخابية واحدة، وأن يكون الترشيح لعضوية مجلس الأمة بقوائم لا يجوز أن يزيد عدد المرشحين في أي منها في الانتخابات العامة وفي الانتخابات التكميلية على عدد الأعضاء المطلوب انتخابهم، ومعنى ذلك أن القائمة يمكن أن تكون في جميع الأحوال من عدد من المرشحين مساو لعدد الأعضاء المطلوب انتخابهم من دون أن يزيد على ذلك، ولكن يمكن أن يقل عدد المرشحين في القائمة، فتكون حتى من مرشح واحد.
ونصت المادة الثانية منه على أن تقدم طلبات الترشيح على النموذج المعد لذلك، خلال عشرة أيام، اعتباراً من اليوم التالي لنشر مرسوم الدعوة بالنسبة للانتخابات العامة أو قرار الدعوة بالنسبة للانتخابات التكميلية.
ولما كان قرار الترشيح إنما هو تعبير عن إرادة شخصية، فقد نصت المادة ذاتها على وجوب أن يوقع كل مرشح قرين اسمه في النموذج، وينطبق هذا الحكم على جميع المرشحين في القوائم التي تضم أكثر من مرشح.
وتوضح المذكرة التفسيرية آلية تطبيق ما ورد في المواد الثالثة والرابعة والخامسة وتوحيداً لإجراءات التصويت، وتيسيراً على الناخبين، خصوصاً بالنسبة للقوائم التي تضم أكثر من مرشح، فقد نصت المادة الثالثة على أن يعطى لكل قائمة رقم، على أن تحدد أرقام القوائم عن طريق قرعة علنية تجريها إدارة الانتخابات في وزارة الداخلية بين جميع القوائم.