السيد رئيس مجلس الأمة يقرر ان التصرف كرجالات دولة هو الطريق لحل المعضلة الاسكانية! إحنا ما ذبحنا الا اعتماد البعض على رجالات الدولة ومناداة البعض الاخر بضرورة ان يتولى مثل هؤلاء قيادة البلد. المجلس الاعلى للتخطيط المكون من خيرة «رجالات الدولة» في بداية التسعينات، وبرئاسة رئيس مجلس الوزراء، في ذلك الوقت، المرحوم الامير الراحل الشيخ سعد، توصل اعلى مجلس في الكويت بعضوية ورئاسة افضل رجالات الدولة فيها الى ان الحل للأزمة السكانية (هذه غير الاسكانية مع ان الاثنتين بالتأكيد سواء) يكمن في زيادة نسل الكويتيين حتى تعادل هذه الزيادة نسبة الوافدين الأجانب التي طغت على نسبة السكان الأصليين. ولم يدر في خلد رجالات الدولة عندنا في ذلك الوقت، وربما حتى الآن، ان كل مولود كويتي يولد هو بحاجة الى ثلاثة وافدين للقيام بخدمته، سواء مباشرة كالخدم في المساكن او كالوظائف الفنية وحتى الادارية في المؤسسات. هذا كان تفكير رجالات الدولة في ذلك الوقت، ونحن على يقين ان رجالات دولة التسعينات افضل كثيرا من رجالات دولة اليوم، فهم على الاقل كانوا تربية واعداد الجيل المؤسس.
لكن بغضّ النظر عن هوية وامكانية رجال الدولة، فانهم يبقون المعضلة وليس الحل، لان الحل الحقيقي يتبقى في ايجاد «شعب» دولة، ومواطنين من النساء او الرجال ملتزمين بأمن ومصلحة هذه الدولة. هذا ما نفتقده وهذا هو لب المشكلة. وفي الواقع فان ما يزيد الامر تعقيدا هو اصرار البعض على الاعتماد على رجال الدولة او بالاحرى على الدولة نفسها لحل المعضلات، بل والتعامل مع كل المعضلات.
نحن بحاجة الى «شعب دولة» لحل المشكلة الاسكانية والسكانية وبقية ما يزدهر هنا من مشكلات. شعب يعي في ما يتعلق بالازمة الاسكانية بالذات ان المطلوب حلها باختلاق وتوفير سكن لمن لا يجده لا لمن لا يملكه. مأوى وسقف لمن لا يتوفر له ذلك وليس استثمارا وعقارا لمن يتطلع الى تحسين وضعه والانتفاع من المشكلة كما هو الوضع الان. اذا آمنا بان هذا هو السكن المطلوب، وان الشعب يتطلع الى هذا، وهذا ما يجب ان يتحصل عليه فان «صبيان الفريج»، وليس رجال الدولة، سيكونون قادرين على حل المعضلة الاسكانية.