الإجراءات المطروحة لحل أزمة المرور لا تعالج الأزمة، ولا يبدو أصلاً أنها معنية بها بشكل حقيقي. فحتى الآن يلوِّح مسؤولو الداخلية بتقليص عدد تملُّك المركبات، في ما يوجّهون الاتهامات للوافدين -بسبب كثرتهم- في أنهم سبب المشكلة. وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على ان المشكلة في أغلب القيادات المرورية والحكومية، التي «لا تدري وين الله حاطها».
كثرة تملّك السيارات ليست لها علاقة بأزمة المرور، فالإنسان الواحد بإمكانه ان يتملك مليون سيارة. ولكنه سيكون قادراً -فقط- على وضع واحدة على الطريق. اي ان المشكلة في «قيادة» السيارة، وليس تملّكها. الوافدون، حالهم حال المواطنين، مضطرون ومدفوعون الى اقتناء السيارات الخاصة لغياب، بل حتى انعدام، وسائل النقل العام. ومن حقهم مثل إخوانهم الكويتيين التمتع برخص الوقود والتكاليف البسيطة لمواقع وقوف السيارات.
هذا يعني ان كان السادة في المرور معنيين حقيقة بالأزمة، فإن السبب الأساسي لها هو الدعم الحكومي للوقود والدعم الحكومي للمواقف. او بعبارة اخرى ان الحكومة هنا تشجع الازدحام المروري، وهي التي تعمل على تفاقم مشكلة المرور. تماماً كما تفعل بدعم كل الأزمات والمشاكل عبر «دعمها» للإسراف في الاستهلاك.
أسهل طريقة لحل أزمة المرور هي في رفع أسعار الوقود. فهذا يؤدي أولا إلى قلة «اللف والدوران» بالسيارة، كما يؤدي إلى دفع المواطنين إلى التشارك في استخدام وسائل النقل. أيضا رفع الدعم عن أماكن الوقوف سيؤدي إلى إجبار المواطنين -قبل المقيمين- على استخدام وسائل النقل العام، او التشارك في استخدام السيارات بدلا من استخدام المواطن أو المقيم سيارته الخاصة في كل المناسبات.
يعني المطلوب -باختصار- هو حث المواطنين والمقيمين على استخدام وسائل النقل الجماعي، سواء كان خاصا أو عاما، بدلا من أن يستخدم كل فرد سيارته لنفسه. بالعربي، لو استخدم ثلاثة موظفين سيارة واحدة للذهاب للدوام، بدلا من ثلاث، فهذا يعني ببساطة أننا «حلينا ثلثي الزحمة».. «وببلاش». الأمر ذاته يسري على الموقف.. فلو كانت تكلفة المواقف ديناراً للساعة بدلا من مائة فلس، لفكر السائق عشر مرات قبل أن يمتطي سيارته ليشرب قهوة في السوق