بعض الغارقين في الوهم، أو الحريصين بشدة على تبرئة أنفسهم وتقديم صكوك البراءة لشخوصهم، يستهجنون اتهاماتي للمواطن الكويتي بـ«الحرمنة» والفساد الأصلي. بل يتمادى بعض هذا البعض ليشهر ذلك كسلاح يعايرني به، أو يحاول أن يقلل من قيمة بقية ما أطرح بسببه. لا أيها السادة، هذا إن كنتم تستحقون ذلك، المواطن الكويتي هو المسؤول الأول والأخير عن التسيّب والفساد والسرقات الكبرى التي يتعرض لها الوطن، الذي تتصنعون الهيام به، والمال العام الذي تدّعون نطارته.
ليس الوافد من يتوسط.. وليس الوافد من يملك إسقاط الغرامات أو التفنن في الاستحواذ على خدمات الدولة. وبالتأكيد فإن المتهمين الخمسة بالسرقة لا يقومون بذلك وحدهم. بالأرقام الآلاف من الكويتيين النجباء، وربما الأشاوس حتى تكتمل الصورة – وليس الوافدين أو الخمسة إياهم – هم من سرق منحة الصمود.. نعم سرق بلا حياء أو احترام للصامدين ومعاناتهم منحة الصمود. آلاف الكويتيين هم من سرقوا ولا يزالون يسرقون الماء والكهرباء، ويرفضون دفع فواتير استهلاك هذه الخدمات. ومثلهم مع نوابهم «أغلب نواب الأغلبية قادة العمل الوطني هذه الأيام وحراس المال العام» هم من أجبروا الحكومة على إسقاط نصف فواتير الكهرباء والماء عن «الحرامية» الذين تخلّفوا عن السداد. الآلاف من الكويتيين الهائمين بحب الكويت هم من حاولوا، ولا يزالون يحاولون، إجبار الحكومة على دفع ديونهم أو تقسيطها. وأغلب الكويتيين يتلاعبون ويزوّرون بالشهادات والإثباتات من أجل التسابق على الحصول على خدمات ومنح الدولة المجانية وشبه المجانية. الآلاف المؤلَّفة من الكويتيين، أو بالأحرى الكويتيات، وإن كانت ذاكرتي على ما هي عليه، فهم ثمانية وأربعون ألفاً تقدّموا لدعم البطالة فور إقرارها. أغلب هؤلاء من النساء متوسطات العمر ممن فضلن قبل سنوات القعدة في البيت. لكن تعويض بدل البطالة أخرجهن من مستقرهن. الآلاف يدّعون الإعاقة أو المرض النفسي من أجل الحصول على البدلات. والملايين -بفعل التكرار- يتحصّلون على الإجازات الطبية من دون وجه حق. والآلاف يرافقون «ناس أصحاء» للخارج بدعوى العلاج.
يمكن راح يزعل واحد أو اثنين أو ربما عشرة.. ويكون وحدهم لهم الحق.. لكن كل الكويتيين يستغلون خدمات الدولة وأغلب الكويتيين تَحصلوا على هذه الخدمات أو بعضها بلا وجه حق. لذلك إذا سرق التاجر أو تهاون المقاول فهو جزء من تربيته و«وطنيته». يعني «اللي ما يبوق مو كويتي» أو مشكوك في وطنيته وانتمائه.. ومع هذا يصرّ البعض على أن خمسة.. خمسة أفراد.. يعني وليس حتى خمسة آلاف هم «وحدهم» من يلعبون بالديرة. أعتقد نواطيرنا بحاجة إلى بعض النوم من أجل تقويم تفكيرهم.