أكدت الخارجية الاميركية في آخر تقرير لها عن حقوق الانسان انه ليس هناك سجناء رأي في الكويت. وان القوانين تطبق بما يكفل حق المتهمين، ويوفر لهم الحماية القضائية.
نشكر الخارجية الاميركية على هذا المديح والاطراء الذي خصت به الكويت. وهذه ليست المرة الاولى التي تتبرع فيها الخارجية الاميركية لتوفير تغطية دبلوماسية للاوضاع في الكويت. فقد تطوعت الادارات الاميركية اكثر من مرة لكيل المديح ولاضفاء الطبيعة الديموقراطية وتأكيد الثوابت الدستورية على الاوضاع هنا. وهو موقف او مواقف تثير التساؤل وتطرح الشكوك حول المصداقية التي تتمتع بها التقارير والتقييمات الاميركية.
اي ان الملاحظة العابرة للاوضاع السياسية في الكويت منذ الاستقلال، وحتى الآن تؤكد ان «الحريات» لم تكن هاجسا او مبدأ لدى احد هنا. ويستوي النظام وسلطاته تماما مع من يدعي المعارضة، او حتى يتبنى الديموقراطية والوطنية. لو كنت المسؤول عن اعداد تقارير الخارجية الاميركية لكان التقييم للكويت سلطة ومعارضة ومجاميع سياسية على مستوى الحريات تحت الصفر.
لكن يبدو ان مقياس الخارجية الاميركية هو مثل مقياس بعضنا الذين اذا صكتهم الحقيقة وحاصرتهم الادلة الدامغة رددوا بغباء «احنا احسن مما حوالينا». يبدو ان واضعي التقرير الاميركي تقمصوا الشخصية الكويتية، وتشربوا مقاييسها وتثقفوا على مقولاتها. فاغلب الكويتيين مقتنعون بالاوضاع على اعتبار انها ليست سيئة او انها افضل من الغير. هذه حقيقة لا ينكرها الا احمق او متحامل. فالنظام هنا طوال تاريخه لم يمارس القمع، ولم يلجأ الى اضطهاد المعارضين، او حتى التضييق عليهم. مع اننا في هذه الايام بدأنا نسمع صرخات الاستغاثة من قبل من يدعي بانه تعرض للفصل او النقل او الترسيب الوظيفي، بسبب مبادئه ومواقفه. لكن هذه لا تزال اشعاعات وادعاءات قليلة، تفندها خبراتنا وذكرياتنا العامة عن حقيقة الاوضاع السياسية. لكن ايضا من يدري.. ففي السياسة ليس هناك شيء ثابت او حتى مؤكد.
المهم لا بد من شكر الخارجية الاميركية على هذا الاطراء، لانه في النهاية يبقى مديحا واطراء للكويتيين ككل. لكن مع هذا يبقى من حقنا ان نذكر السادة او الاصدقاء الاميركيين بان العبرة ليست في انتفاء المساوئ او انعدام السلبيات، ولكن العبرة في وجود ما هو ايجابي، وما يضمن كرامة وانسانية الانسان في الكويت.. والاهم من هذا لفت نظرهم الى ان سبب عدم وجود سجناء رأي هنا.. يعود الى ان الكويت كلها سجن كبير.