ليس من العدل تحميل طرف اجتماعي او سياسي وحيد كل اسباب ازماتنا ومشاكلنا، بل حتى تحميل عدة اطراف ذلك لا يبدو هو الآخر انصافا وصوابا. لكن مع كل هذا التحفظ فإنني أرى ان غرفة التجارة والصناعة قد تخلت عن دورها الريادي والقيادي في المجتمع، مع الاعتذار لاعضاء مجلس الغرفة هذه الايام. الا ان الحقيقة تبقى ان الغرفة فقدت دورها السابق في ترشيد وربط وضبط، ليس العمل الشعبي فقط، بل حتى الحكومي والرسمي.
ربما كان للمرحوم عبدالعزيز الصقر ـــ ولاشك في ذلك ـــ دور مميز وريادي في قيادة الغرفة، وبالتالي قيادة العمل الوطني السياسي تبعا لذلك. ولكن يجب الاعتراف بان المرحوم الصقر مثل تيارا وثقلا سياسيا كلاسيكيا، هو امتداد عنيد ومثابر للتيار الوطني الديموقراطي، والمفروض ان لهذا التيار امتدادا واستمرارا في وضعنا الحالي.
لقد تمت محاصرة الغرفة ومحاولة تشويه مواقفها وعرقلة اداء مهامها، ومع الاسف، تولى هذا في البداية، بعلم او من دونه، النائب حسن جوهر. لكن هذا لا يعفي الغرفة واعضاءها، بل النخبة التجارية الناشطة في السابق، من تهمة التخلي عن مهامها بعد وفاة المرحوم عبدالعزيز الصقر. التيار الوطني الديموقراطي بمجمله فقد دوره الريادي، بل تخلى في بعض الاحيان عن مسؤوليته منذ سنوات، وربما ليس مملا ربط هذا مرة اخرى بوفاة السيد الصقر. لكنها حقيقة واقعة، فالتيار الوطني تقوقع على نفسه، وغرفة التجارة التي كانت محط انظار الوطنيين والديموقراطيين، والمظلة التي استظلوا بظلها، سقطت فريسة سهلة للحصار والتحامل اللذين تعرضت لهما على يد الاطراف، التي قفزت لملء الفراغ السياسي وتسلم الراية، التي نزعتها اطراف الردة في السلطة من يد القوى الوطنية.
لا شك ان العمل الجماعي، والقيادة الجماعية الديموقراطية، هما بداية ونهاية التحرك الوطني الشعبي. لكن يجب الاعتراف بانه في مرحلة نمونا السياسي الحالي فانه يبدو اننا لا نزال بحاجة الى «القيادات»، جماعية او فردية، للاستدلال بهديها والاستظلال بظلها.
لهذا، فان من الضروري ان تستعيد «الغرفة» او النخبة التجارية الوطنية دورها الريادي، الذي كان لها في السابق. ولعل الظروف التي نمر بها هذه الايام والدعوات الملحة للمصالحة والالتفاف تبرر هذه الضرورة.