في خضم تسارع الأحداث التي تصدرت المشهد السياسي في دول الربيع العربي، بدءًا بمصر التي مازال فرعونها لم يلفظ بعدُ أنفاسه، وهو يقاوم أمواج الغرق بكل ما أوتي من فلول.
مروراً ببلاد ثورة الياسمين التي لم تجف حتى الآن دموعها على مفجّر الربيع العربي وخَاتم الاستشهاديين الولي الصالح سيدي “محمد البوعزيزي” على روحه الطاهرة السلام.. وآخر أخبارها البشعة وهي عملية اغتيال المعارض السياسي شكري بلعيد.
في هذا الخضم المأساوي تتقافز أسئلة ملحة نسجلها على هامش دفتر الربيع العربي قبل ختم فصوله الأخيرة – التي لا نريد طيّها إلا عند الفصل رقم 22 -!
ماذا أصاب دولنا في الربيع العربي؟
ما هذه الانقسامات الشعبية؟ وحرب المظاهرات المتبادلة؟
ما هذه المليونيات المتناحرة؟
ما هذا الاصطفاف الشعبي/الشعبي؟
لماذا انتقلنا بسرعة البرق من مرحلة البناء الداخلي الذي لم نضع في جداره بعد لبنةً واحدة إلى مرحلة الصراع الداخلي؟
في الوقت الذي ما زالت الأنظمة السابقة المغلوبة (الخصم المشترك سابقاً) – قبل أن يصبح بأسنا بيننا شديداً – في كامل لياقتها الصحية تشرب القهوة الحجازية في مقاهي جدة، وتحتسي أنخاب النصر في بارات شرم الشيخ وهي تقلب بالريموت كنترول القنوات العربية وتقهقه على آخر أخبار مخازينا المخجلة!
ألا يعلم إخوتنا في دول الربيع العربي المحررة أن هناك دولاً أخرى لازالت تقاوم مستبديها، وأن مثل هذه الظروف التي تصنعها أيديهم تخدم الاستبداد في كل مكان؟
ألا يعلم إخوتنا في دول الربيع العربي المحررة أن هناك دولاً أخرى لازالت تحت نير العبودية والاستبداد، وأنها تتطلع إلى الانعتاق والتحرر وأن ما يفعلونه يعيدهم إلى المربع الأول؟
أليس من الأنانية أن ينشغلوا بخلافاتهم الداخلية القديمة والبالية، وينهكوا أنفسهم بدلاً من البناء الداخلي والنصرة الخارجية لدولنا العربية الأخرى السائرة في طريق التحرر، فيركزوا جهودهم في الانتقام من حلفاء الثورة بالأمس وخصوم الفكرة اليوم، ويتصدر المشهد كل متطرف من الفريقين؟
ألم نسمّي هذه الثورة المجيدة التي افتتحنا بدماء شهدائها الزكية هذا العصر “بالربيع العربي”؟
فأين العرب بجميع مكوناتهم الثقافية والفكرية وتنوعهم العرقي والديني والذي تعايشت الأمة معه طوال سنوات وحدتها المترامية عبر تاريخنا العظيم، من استئثار هذه الأحزاب التي تحاول التفرد بكل شيء والتي كانت – والتاريخ مُدون – متعايشة مع الاستبداد بالأمس القريب؟
ألا يوجد منكم رجلٌ رشيد يملك ما ملكه سيدي ومولاي أبي القاسم صلى الله عليه وآله وسلم حينما أجّل كثيراً من الأمور التي لم يستوعبها العقل العربي وقتئذ بحجة أن الناس حدثاء عهد بالجاهلية.
((أولسنا حدثاء عهد بالاستبداد؟))
قبل المسك الختامي:
أليس من الخيانة للأمة أن ينشغل “رُماتها” عن حراسة ربيع الأمة، فيتهافتون لجمع الغنائم لأحزابهم.. فيستدير العدو خلف “جبل” الطمع، لينهوا المعركة لصالحهم؟!!