رومني يغازل التطرف الإسرائيلي.. ويجهل الشرق الأوسط
أثارت تصريحات للمرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية، ميت رومني، حول الشرق الأوسط جدلا واسعا في الاوساط السياسية والاعلامية الاميركية والبريطانية والغربية، كما امتزج هذا الجدل بقدر كبير من الانتقاد لرومني لانحيازه الكبير لاسرائيل وتعنتها، وتحامله على الفلسطينيين، ولما أظهره من جهل كبير بحقائق الشرق الأوسط.
فرومني الذي زار اسرائيل والتقى رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، يلقي باللوم كله في الصراع العربي الاسرائيلي على الفلسطينيين، ويقول انهم لا يريدون السلام وانما هم ملتزمون بالعمل على تدمير اسرائيل، ويلمح إلى أنه لن يسعى إلى تأسيس دولة فلسطينية اذا أصبح رئيسا للولايات المتحدة لأن إيران ستستخدمها كقاعدة لمهاجمة إسرائيل. ويمضي رومني قائلاً في تصريحاته التي تم تسجيلها من دون علمه وتم تسريبها، إن الفلسطينيين «ملتزمون بتدمير إسرائيل والقضاء عليها، ولا يريدون السلام، وإن حصلوا على دولة خاصة بهم فإن الإيرانيين سيبدأون بشحن السلاح إلى الضفة الغربية كي يستخدم ضد إسرائيل، وإن على العالم أن يتعلم أن يتعايش مع ذلك ».
وها هو المنافس الجمهوري لأوباما يرفض حل الدولتين في الشرق الأوسط، الذي عمل من اجله الكثير الرئيس الأميركي الديمقراطي السابق، بيل كلينتون، وايده الرئيس الجمهوري السابق، جورج دبليو بوش، وينكر الحقائق الجغرافية في المنطقة ويكشف عن «معرفته الباعثة على القلق». بجغرافية الشرق الأوسط، ويبدو أن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي يبديان قبولاً متزايداً بالرأي القائل إن حل الدولتين اصبح ميتاً من الناحية الفعلية وانه لابد من ايجاد سيناريوهات بديلة.
ويبدو لكثير من الناس أن تصور رومني للشرق الأوسط وتحليله للأمور فيه خطأ بشكل كبير، إذ إن منظمة التحرير الفلسطينية التي تعد الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، تعترف بحق إسرائيل في الوجود في أمن وسلام، وتلتزم قيادتها بحل تفاوضي للقضية الفلسطينية. صحيح أن المفاوضات معلقة منذ عامين لكن كثيرا من الدبلوماسيين والمراقبين يقولون إن استمرار إسرائيل في بناء المستوطنات وتوسيعها هو العقبة الرئيسة لاستئنافها. ويقول محللون إنه حتى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تحكم قطاع غزة، والتي تطالب بتحرير فلسطين التاريخية من البحر المتوسط الى نهر الأردن فإن قادتها قد ألمحوا إلى أنهم سيقبلون بدولة فلسطينية في اطار حدود عام 1967 تكون القدس الشرقية عاصمة لها. ويرى رومني حدود الدولة الفلسطينية ستكون مع الأردن وسورية التي يمكن للإيرانيين أن يرسلوا السلاح عبرهما إلى الفلسطينيين، وهذا خطأ آخر يرتكبه، فالدولة الفلسطينية لن تكون لها حدود مع سورية، بل مع إسرائيل والأردن في حالة الضفة الغربية، وإسرائيل ومصر في حالة غزة، ويضيف رومني «علينا أن نعترف بأن هذه المشكلة ستبقى من دون حل وعلينا أن نتعايش معها»، وهو ما يتناقض مع السياسة الرسمية الحالية للولايات المتحدة التي ترى أن حل الدولتين ممكن ومرغوب فيه.
ويطرح البعض، في الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، تصوراً بديلاً لحل الدولتين، وهو حل الدولة الواحدة، حيث يقول بعض الفلسطينيين انهم يقبلون به ويرون أن الدولة الديمقراطية الواحدة ستقود إلى دولة بأكثرية سكانية فلسطينية، وهذا يعني هيمنة فلسطينية عليها، بينما يؤمن البعض في الجانب الاسرائيلي بدولة واحدة ولكن يحرم فيها الفلسطينيون حقوقهم الديمقراطية الكاملة، بما يضمن الهيمنة الاسرائيلية على الضفة الغربية والقدس التي تسميها اسرائيل «يهودا والسامرة»، وهو ما يصفه النقاد والمراقبون بأنه نوع جديد من نظام التمييز العنصري.
وطبقاً للمفاوض الإسرائيلي السابق، دانيال ليفي، فإن هناك ثلاثة اتجاهات متنافسة في اوساط الحكومة الاسرائيلية يدعو احدها الى ضم الضفة الغربية لإسرائيل، والثاني يدعو الى استمرار المفاوضات مع الجانب الفلسطيني من أجل قيام دولة فلسطينية والاستمرار في توسيع المستوطنات القائمة، والثالث يقول ان يتم فرض قبول 50٪ من الضفة الغربية بعض ضم النصف الآخر، بحيث تتحول مناطقهم المتبقية الى كانتونات وجيوب منعزلة عن بعضها البعض وغير مترابطة، الى ان يتم الاتفاق على اقامة دولة فلسطينية عليها.
ويقول خبراء في حملة اوباما ان رومني بتصريحاته هذه انما يخرج عن معالم نهج اميركي عام بشأن الشرق الأوسط دأب رؤساء أميركيون سواء كانوا ديمقراطيين او جمهوريين على اتباعه.