مسؤولو مراكز يطالبون بالدعم والتوسع في إنشاء «الحكومية»
ذوو أطفال متوحّدين: أبناؤنـا مجبرون على النطق بغير «العربية»
كشف ذوو أطفال مصابين بالتوحد أن العديد من المراكز الخاصة برعاية المتوحدين لا تضم عرباً، ما يجبر أطفالهم على النطق بغير اللغة العربية، مشيرين إلى أن طفل التوحد لا يمكنه تعلم لغتين وتالياً يفقد وسيلة التواصل مع ذويه، مشيرين إلى أن ذلك يرجع إلى نقص أعداد المراكز المتخصصة في علاج التوحد وتأهيل هذه الفئة في الدولة، إضافة إلى عدم وجود كوادر مؤهلة ما يضطر بعضهم إلى دمج ابنائهم في مراكز غير عربية، مطالبين بالتوسع في إنشاء المراكز وإلزامها بوجود معلمين واخصائيين عرب، وذلك لارتفاع أعداد الاطفال المتوحدين على قوائم الانتظار، وما يقابله من ارتفاع أسعار العلاج.
في المقابل، طالب مسؤولون في مراكز لعلاج التوحد (فضلوا عدم ذكر اسمائهم)، بضرورة التوسع في دعم المراكز الخاصة وإنشاء المزيد من المراكز الحكومية، وتأهيل كوادر مواطنة للعمل في مجال تأهيل ذوي الاعاقات الخاصة عموماً، وذلك بسبب الزيادة في أعداد الاطفال حديثي الولادة المصابين بالتوحد والتي وصلت إلى ما يقرب من حالة بين كل 88 حالة ولادة.
وتفصيلاً، قالت (أم عبدالله): لدي طفل يبلغ من العمر أربع سنوات ويعانى أعراض التوحد ونتيجة لطول قوائم الانتظار في المراكز الخاصة بالتأهيل لم أتمكن من مساعدته حتى الآن، مشيرة إلى أن «المركز الوحيد الذي وافق على استقباله لم يكن به معلمون عرب، ما سيزيد من سوء حالة ابني في حالة ضمه إليه».
إعاقة متعلقة بالنمو
قالت استشارية نمو وسلوكيات الأطفال، الدكتورة عبير الحربي، ان التوحد هو إعاقة متعلقة بالنمو عادة ما تظهر خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، وتنتج عن اضطراب في الجهاز العصبي ما يؤثر في وظائف المخ، مشيرة إلى أن الإصابة بين الأولاد تزداد عن البنات بنسبة 4:،1 ولا يرتبط هذا الاضطراب بأية عوامل عرقية، أو اجتماعية، إذ لم يثبت أن لعرق الشخص أو للطبقة الاجتماعية أو الحالة التعليمية أو المالية للعائلة أي علاقة بالإصابة بالتوحد. وأشارت إلى أن التوحد يؤثر في النمو الطبيعي للمخ في مجال الحياة الاجتماعية ومهارات التواصل، وعادة ما يواجه الأطفال والأشخاص المصابون بالتوحد صعوبات في مجال التواصل غير اللفظي، والتفاعل الاجتماعي وكذلك صعوبات في الأنشطة الترفيهية، إذ تؤدي الإصابة بالتوحد إلى صعوبة في التواصل مع الآخرين وفي الارتباط بالعالم الخارجي، ويمكن أن يظهر المصابون بهذا الاضطراب سلوكاً متكرراً بصورة غير طبيعية، كأن يرفرفوا بأيديهم بشكل متكرر، أو أن يهزوا أجسامهم بشكل متكرر، كما يمكن أن يظهروا ردوداً غير معتادة عند تعاملهم مع الناس، أو أن يرتبطوا ببعض الأشياء بصورة غير طبيعية، كأن يلعب الطفل بسيارة معينة بشكل متكرر وبصورة غير طبيعية، دون محاولة التغيير إلى سيارة أو لعبة أخرى مثلاً، مع وجود مقاومة لمحاولة التغيير. وفي بعض الحالات قد يظهر الطفل سلوكاً عدوانياً تجاه الغير، أو تجاه الذات. وأكدت أن مشكلة مرض التوحد أنه غير معروف السبب، ولا يوجد له علاج حتى الآن، وأن البعض يحاول ربط علاقة الإصابة بالتوحد بالتطعيم الذي يتناوله الأطفال أو بالزئبق الزائد في الجسم، أو التلوث، لكن حتى الآن لم يصل العلماء إلى سبب واضح لهذا المرض، وتظل كل الآراء مجرد احتمالات، مشيرة إلى أن التوحد درجات، منها البسيطة، والمتوسطة، والمركبة التي تصاحبها إعاقات أخرى مثل العمى أو التخلف العقلي، وهي الأصعب بين كل الحالات من حيث تأهيلها، وتحتاج الى مدرب أو مرشد قدير ليساعدها. |
وأضافت أم عبدالله، أن «كلفة العلاج في المراكز الخاصة تفوق قدرة العديد من الأسر في الدولة ما يضطرها إلى اللجوء للانترنت للحصول على معلومات عن كيفية التواصل مع مرضى التوحد والتي كثيراً ما تكون طرقاً غير ملائمة للحالة، أو تكون نتائج الاستجابة ضعيفة جدا لعدم تخصص الاهل».
وأوضحت أن العديد من الأطفال المصابين بالتوحد لا يستطيعون الحصول على الاهتمام الذي تشتد حاجتهم إليه في مراكز متخصصة، نتيجة ارتفاع كلفة الرعاية والتي تبدأ من 40 ألف درهم سنوياً وتصل في بعض المراكز إلى 250 ألفاً، وقلة عدد المراكز المختصة برعاية هذه الفئة من المجتمع.
وقالت أم لطفلين مصابين بالتوحد، (أم أحمد) إن قلة الأماكن في المراكز المختصة بالتوحد وارتفاع كلفة العلاج، أجبراني على ادخال طفل وإبقاء الثاني في المنزل، مشيرة إلى أنها تستبدلهم سنوياً ليتلقى كل منهما جزءاً من العلاج.
وأوضحت أنها حصلت على هذا المكان بصعوبة، نظراً لعدم توافر مراكز للتوحد تكفي للأعداد الكبيرة للأطفال المصابين بهذا المرض، وقلة الاخصائيين العرب، لافتة إلى أن «المراكز التي يتوافر بها أماكن هي الاجنبية والآسيوية فقط، وبسبب ذلك كثيراً ما تقف عاجزة عن الفهم والتصرف في العديد من المواقف الخاصة بابنيها».
فيما طالب المواطن أبوراشد، بضرورة التوسع في انشاء المراكز الخاصة بالمتوحدين، وزيادة الانفاق الحكومي على مراكز الإعاقة ودعمها مالياً لتتوسع وتستوعب اطفالاً اكثر، وادراج تخصصات التوحد في فروع الجامعات الوطنية لتأهيل مواطنين متخصصين في مجالات رعاية المعاقين
وأكد والد مصابة بالتوحد، (أبومريم)، انه لولا مشاركة الهلال الاحمر في تحمل نصف كلفة علاج ابنته الذي يصل إلى 80 الف درهم سنوياً لما استطاع ضمها إلى مركز للعلاج، مشيراً إلى انه عرف العديد من الحالات التي لا يجد ذووهم مراكز تضمهم او قدرة مالية على علاجهم، وكثيراً ما تلجأ إليه هذه الأسر للتعرف إلى الأسلوب الذي تم تدريبه عليه من قبل المركز ليتبعوه مع أبنائهم.
وتابع «ما يزيد صعوبة الأمر عدم وجود أخصائيين عرب، خصوصاً وأن الاطفال المصابين بالتوحد من حقهم أن يجتمعوا مع الناس ويتعاملوا معهم، ويندمجوا بالمجتمع ويتفاعلوا مع الاطفال الآخرين، لا أن يُبتعد عنهم لتصرفهم تصرفات غريبة»، مطالباً بضرورة أن يتقبلهم المجتمع أكثر وأن يكون هناك توعية بالمجتمع عن أطفال التوحد، وأن تقوم المؤسسات غير الحكومية بدعم هذه الفئة وعدم الاكتفاء بالدعم الحكومي، لأن هناك الكثير من الحالات التي لا يوجد لهم مكان.
وذكرت الشبكة العربية للتوحد، في موقعها على الانترنت، أن المراكز العلاجية للتوحد في الامارات متقدمة جدا، لكنها تعاني نقصا شديدا في المتخصصين الذين يتكلمون اللغة العربية، ما يجبر الطفل المريض على التحدث باللغة الانجليزية، وهذا يتطلب أن ينتبه المعنيون إلى هذه النقطة المهمة، وأن يكون هناك تدريب لكوادر متخصصة لتعليم الاولاد الذين يعانون التوحد.
وقالت استشارية نمو وسلوكيات الاطفال، الدكتورة عبير الحربي، «قلة عدد المراكز الخاصة بالتوحد إلى جانب قلة الكوادر المتخصصة للتعامل مع المرض، يجعل الكثيرين من مرضى التوحد قابعين داخل بيوتهم من دون علاج ولا يحصلون على هذه الفرصة التي يمكن أن تسهم في علاجهم».
وأوضح مسؤولو مراكز توحد أن زيادة أعداد الاطفال حديثي الولادة المصابين بالتوحد والتي وصلت إلى ما يقرب من حالة بين كل 88 حالة ولادة، جعلت من الضروري زيادة هذه المراكز خلال الفترة المقبلة، على أن تحصل المراكز الخاصة على مزيد من الدعم، ما يسهم في خفض أسعار العلاج، فضلاً عن توفير الكوادر العربية المؤهلة.