“لله دركم” يا شبابنا الوطني المخلص، فقد أفحمتم أباطرة الفساد السياسي ومن لفّ لفهم، فجُنّ جنونهم وأوعزوا لأبواقهم بمهاجمتكم باللغة الهابطة التي لا يعرفون سواها، فلم يبقَ وصف مسيء في قاموسهم لم يطلقوه عليكم، فماذا بقي في جعبهم من أوصاف هابطة لم ينعتوكم بها؟
أوعزوا لصاحبهم في الخليج لنعتكم “بأولاد شوارع”، فلم تنطق الحكومة، وقالوا “غوغائيين” و”مخربين” و”جراد” و”طراثيث ” و”غزو داخلي” و”انقلابيين” و”أجندة خارجية”، وقالوا وأعادوا فالتزمت الحكومة الصمت المريب!
وأخيراً وصفوكم “بالمزدوجين واللفو والمندسين وغير الأصلاء”، ومع هذا لم تحرك الحكومة ساكناً مع أن السكوت علامة الرضا، كما يقال، والقانون لا يطبّق هنا لكنه سريع التطبيق عليكم وبتعسف في أحايين كثيرة.
الحكومة ليست وحدها التي صمتت صمت القبور، بل شاركها بعض المتشدقين بالدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية، وكذلك أعضاء مجلس “الصوت الواحد”، الذين لم يكتفوا بالصمت، بل طالب بعضهم بضربكم وقمعكم وسجنكم، فسارعت الحكومة لتنفيذ طلباتهم لأنهم “منها وفيها”!
شباب التغيير الديمقراطي… نعرف أنكم لا تريدون سوى مشاركة حقيقية بإدارة شؤون وطنكم ومجتمعكم بعد أن سئمتم الكلام الإنشائي المرسل وغير الواقعي عن الدستور والقانون ودولة المؤسسات، إنكم تمثلون الأمل لبناء وطن دستوري ديمقراطي أكثر عدلاً ومساواة ويتسع للجميع، حيث إنكم تواصلون الليل بالنهار مضحين بأوقاتكم ومالكم وراحة أسركم؛ للحيلولة دون الفشل الكامل للدولة بعد أن بلغ الفساد السياسي فيها مبلغه، وتواجهون وأنتم العزل المسالمين أجهزة الدولة، بالإضافة إلى مؤسسات أباطرة الفساد السياسي والإفساد التي بنيت من أموال شعبنا، ومع هذا فقد هزمتموهم لأنكم صادقون مخلصون للوطن ومسلحون بالحجة والمنطق، ففقدوا صوابهم وأخذوا يوظفون المرتزقة وسقط المتاع، ويستخدمون المتردية والنطيحة، وما أكلها السبع لشتمكم وسبكم والطعن بولائكم الوطني، وانتمائكم الراسخ لهذه الأرض الطيبة، مع أنكم تعلمون علم اليقين أنه لا أحد يملك صكوك الولاء الوطني لكي يوزعها على الناس كيفما شاء ومتى ما رغب!
ماذا بقي في قواميس الفاسدين والمفسدين والعنصريين لم يقولوه بحقكم؟! لكن لا بأس فهذه ضريبة حب الوطن، وأنتم قبل غيركم تعرفون أن كلامهم “لا يودي ولا يجيب”، فما يتفوهون به هو كلام المفلس سياسياً وفكرياً الذي لا يملك لا حجة ولا منطقاً ولا دليلاً. أنتم صناع المستقبل ونحن على ثقة تامة أنكم لن تهزموا لأنكم على حق، ومن كان على حق في حبه وإخلاصه للوطن فلن يضيره هجوم الفاسدين وأبواقهم المأجورة، بل سيزيده إصراراً على مواصلة المسير.
شبابنا الوطني المخلص لا تلتفتوا إلى من يريد إشغالكم بتوافه الأمور وصغائرها، بقصد إرهاقكم وتشتيت جهودكم وصرف أنظاركم عن مهمتكم الوطنية الأساسية، وهي الإصلاح السياسي والديمقراطي لاستكمال بناء الدولة الدستورية الديمقراطية الحديثة، حيث الأمة مصدر السلطات جميعاً، فأنتم في الطريق الصحيح طريق الحرية والكرامة والعزة، فلا تلتفتوا لمن “يهذري من حر السخونة!”.