هكذا نجحوا في جر الشارع الكويتي إلى مواجهة مع المحكمة الدستورية… فمنذ أن تعالت التهديدات بالنزول إلى الشارع إذا طلبت الحكومة رأي المحكمة الدستورية في الدوائر الخمس، تغير مجرى المعركة… المعركة الآن ليست معركة بين نظام معادٍ للدستور وشعب متمسك به، بل أصبحت معركة بين القضاء والشعب الكويتي، وكأن النظام لا علاقة له من قريب أو من بعيد بالوضع المأساوي الذي نعيشه، وكأن المحكمة الدستورية هي المشكلة الحقيقية والسبب الرئيسي في تعاسة الوضع الذي نعانيه. ألم يتوقع أحد أن النظام لن يسكت، وسوف ينتقم من القضاء الذي أوقفه عن التعدي على الدستور؟ ألا يدرك العقلاء أن انتفاضة القضاء على انتهاك الدستور والقوانين سيكون لها ثمن باهظ على القضاء؟ ألم يلاحظ العقلاء أن القضاء الكويتي أخذ يدق ناقوس الخطر بعدما تمادى النظام في الاستهتار بكل ما هو دستوري وقانوني حينما أبطل مواد غير دستورية في قانون التجمعات؟ وكذلك في طبيعة الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية بإبطال التعدي على حقوق الموظفين في الدولة والتصدي لسياسة تفضيل الموالاة على الكفاءة في العمل؟ ألم يلاحظ البعض تحرك القضاء في التخلص من قلة أساءت لشرف المهنة؟ هل كان البعض بحاجة لمعرفة السبب الحقيقي في إصرار النظام على عدم إعطاء القضاء استقلاليته المتاحة، وعلى أن يكون تحت سيطرته التامة؟ لماذا إذن نقدم رأس نظامنا القضائي الذي نفتخر به على طبق من فضة لأعدائه، ونهدد رئيس الوزراء المكلف بمحاسبته إن امتثل لقرار المحكمة الدستورية؟ أليس هذا تحريضاً واضحاً على المحكمة، وهو ما يريده أعداء الدستور لتحجيم القضاء ورفع يده عن الدفاع عن الدستور؟ متى كانت الدوائر الانتخابية هي المشكلة في انتخاب ممثلين حقيقيين للأمة لحل جميع مشاكلنا؟ المشكلة ليست بنوعية الدوائر أو عددها، المشكلة الحقيقية هي في العملية الانتخابية برمتها، فالكويت لم تشهد انتخابات حرة بعد انتخابات عام 1963 للمجلس الأول. اللعب في الانتخابات والتدخلات العديدة الصارخة معروفة، وباب العقوبات في القانون الانتخابي مجمد بأوامر مباشرة من وزارة الداخلية، وهذا ما يقوله الضباط المكلفون حمايةَ العملية الانتخابية عندما يطلب منهم تطبيق القانون على مخالفات الرشوة العلنية في مراكز الانتخاب. فهذه الانتهاكات معروفة ومدعومة من قوى في النظام نفسه، وهذه القوى لا تتوانى أيضاً في تمويل هذه الانتهاكات للحصول على الدعم السياسي لأطماعها الشخصية. تقديم الخدمات للأتباع معروف وخلق مجموعة نواب الخدمات المرتبطين بأطراف معينة من النظام، كذلك اللعب في الجداول الانتخابية والصناديق الانتخابية. والذين تحمسوا للدوائر الخمس في “نبيها خمس” لم يقولوا إن في الدوائر الخمس الحل للعملية الانتخابية، كل ما قالوه إن الخمس دوائر أحسن من (25) دائرة، لأنها تجعل الرشوة والخدمات أكثر صعوبة فقط لا غير، لكنها ليست الحل السحري. فالحل هو وجود هيئة مستقلة ومحايدة تشرف على العملية الانتخابية برمتها، وتطبق القوانين المتعلقة بالانتخابات بحذافيرها بحزم على الجميع، عندئذ يكون الجدل حول عدد الدوائر وشكلها مفيداً. إذن النظام ليس المشكلة، والدوائر الخمس ليست الحل الأمثل، وبدلاً من تحذير رئيس مجلس الوزراء بمحاسبته إن رضخ لحكم القضاء، يجب تحذيره كي يوقف التدهور الشامل الذي يعانيه البلد، ويساعد في إخراجنا من هذا المستنقع الذي فُرض علينا العيش فيه. بسبب كل ما ذكرت لم يحصل الشعب على أغلبية إصلاحية في كل مجالسنا السابقة، بل كانت الأغلبية الحكومية دائماً موجودة، وإذا وجدت أقلية فاعلة يتم حل المجلس. دعونا نتوقف قليلاً ونفكر بهدوء ونبتعد عن التشويش المفتعل الذي يحاول طمس حقيقة طبيعة الصراع الدائر بين أعداء النظام الدستوري الديمقراطي والشعب المتمسك بنظامه الدستوري. ولنستعرض التآمر على الدستور منذ وفاة أبي الدستور المرحوم الشيخ عبدالله السالم الصباح عام 1965 عندما بدأ التحرك لإسقاط أول وزارة حكومية لم تنل إعجاب أطراف فاسدة في النظام، وذلك في آخر أيام حياته، وشكلت حكومة جديدة كانت مهمتها الأولى إصدار سلسلة من القوانين المقيدة للحريات العامة، ثم أشرفت على تزوير انتخابات عام 1967، ولا داعي لذكر تكرار المحاولات المتعددة لوأد الديمقراطية. بدلاً من ذلك دعونا نتوقف قليلاً لنعرف من تسبب في تفتيت المجتمع بتبني سياسة “فرق تسد” وجعلنا نعيش صراعات داخلية مدمرة طائفية وعنصرية ومناطقية ومالية “مافوية”… أنجهل من وراء ذلك؟ ألا نعرف من جعلنا نخسر موقعنا الريادي في المنطقة لنصبح مثالاً للفشل الكامل؟ ألم نلاحظ أننا فقدنا الديمقراطية منذ زمن، وصرنا نعيش مشيخة كاملة لا قيمة فيها للدستور والقوانين؟ هل صحيح أن الحكم كان عاجزاً عن وقف هذا التدهور أم أنه كان ضحية تضليل من قبل بعض مستشاريه؟ ألم نتعظ من دعوة الحوار التي دعت إليها الحكومة بعد دواوين الاثنين، وتمخضت حسب تقرير رئيس الوزراء عن أن الكويتيين لا يريدون الديمقراطية، بل يريدون مجلساً وطنياً معظم أعضائه معينون دون أية صلاحية؟ من الذي أعاد المجلس الوطني المزور حتى بعد التعهد في مؤتمر جدة أثناء الاحتلال العراقي للكويت بالعودة إلى العمل بالدستور، حيث تمت بعد التحرير مباشرة دعوة المجلس الوطني المزور بدل المجلس المنتخب؟ أبعد كل هذا نصبّ جام غضبنا على انتفاضة القضاء عوضاً عن الاعتزاز به، ومساندته وتوفير كل السبل لاستقلاليته التامة؟ أم أن القضاء هو «الطوفة الهبيطة» الذي “يتهيب صعود الجبال كي يعيش أبد الدهر بين الحفر” نسبة إلى قول الشاعر التونسي المبدع أبو القاسم الشابي؟ إذا كان عندنا أغلبية إصلاحية من النواب فهذا أمر جميل لم يحصل قط في مجالسنا السابقة، وهو إنجاز تاريخي يفرض إرادة الشعب في حياة دستورية ديمقراطية، لمحاسبة المتسببين الحقيقيين في المأساة التي نعيشها حتى ممن هم في صفوف هذه الأغلبية. لقد آن الأوان لنرفض اللعب في ملعب أعداء النظام الدستوري ونتقيد بقوانينه الفاسدة. علينا أن ننقل المعركة إلى ملعبنا نحن. ملعب الانتصار لنظامنا الديمقراطي الدستوري بالأساليب السليمة الديمقراطية التي كفلها لنا دستور 1962. إنني أنظر بإشفاق ومحبة نحو شبابنا المتحفز المؤمن بالإصلاح، وأقول له إن الربيع العربي نجح في إزاحة بعض الحكام الطغاة، وفرش الطريق للإصلاح إلا أنكم تلاحظون مدى تكلفة ذلك، ومع ذلك فإن الشباب هناك في بداية عملية الإصلاح وأمامهم عقبات أخرى لابد من الانتصار عليها، لأن الأعداء المستفيدين من هذه الأنظمة كثيرون، غير أن النهاية المظفرة لمسيرتهم مضمونة مهما طال الزمن. أما أنتم في الكويت فمهمتكم أصعب منهم بكثير مع أنني ذكرت أن ميزة الطريق الكويتي للإصلاح أن منصة الانطلاق موجودة وهي دستور 1962، لكن تبقى الصعوبة ماثلة في ما نشهده من إفساد للمجتمع وتمزيقه وتحويله إلى حلبة صراع بين مكوناته، وإشاعة ثقافة الكراهية والتآمر والإقصاء، وهذه مشكلة كبرى ليس لها حل سحري سريع، خصوصاً وهي تُغذى يومياً بإعلام مرتبط بسياسة التفرقة والإثارة، إعلام فئوي وعناصر من النظام تزيد الطين بلة. إن تدمير هذه الثقافة المدمرة الخطيرة على الكويت كلها سيكون عملاً شاقاً وطويلاً ويحتاج إلى صبر أيوب، إلا أن الانتصار في النهاية مؤكد فهذه سنّة التطور، فلا أحد قادر على وقف مسيرة التاريخ، هذه المسيرة المتسارعة التنامي بفضل ما توفره الثورة العلمية من وسائل مذهلة أنتم أعلم مني بتفاصيلها. وفقكم الله وحماكم بلمِّ شملكم، فالكرامة تجمعكم، وحب الإصلاح يوحدكم، والنصر لكم بإذن الله.
البحث
-
أحدث المواضيع
- “Call of Doom” – Doom’s Bizarre Cancelled Game
- في شيء “جديد” بالآي فون ١٦ برو ماكس؟
- Holley Sniper EFI 2 Install with David Freiburger on Roadkill Garage | MotorTrend Exclusive
- Repairing Rusted ’69 Mustang After 27 Years of Neglect! | Roadkill
- TESLA vs CHINA! Epic Comparison Test – Can the Chinese Make a Tesla Beater?
- V8: The Engine of America | Sneak Peek! | A MotorTrend Documentary Special
- قاهر جوالات التصوير!!
- Mix flip للعالميه!
- Best of HOT ROD Drag Week 2024 | MotorTrend
- Are EVs Helping the California Grid!? | The InEVitable
المجلدات
- Autos & Vehicles
- Education
- Film & Animation
- Gaming
- Howto & Style
- Movies
- Music
- Nonprofits & Activism
- Pets & Animals
- Science & Technology
- Sports
- Travel & Events
- الرئيسية
- Apple
- Comedy
- Entertainment
- kuwait
- news
- News & Politics
- People & Blogs
- Shows
- sport
- TableTop
- أخبار
- أندرويد
- اخبار عامة
- اخبار عامة
- ازياء و موضة
- اقتصاد
- الصحه والتغذيه
- تحت المجهر
- ترفيه
- تطبيقات وبرامج
- جمال و اناقة
- دوليات
- رياضة
- رياضي
- شخصي
- شعر
- صور
- صور
- عالم الانترنت
- عالم التقنية
- عالم التقنية
- عالم الطفل
- عالم حواء
- عالمية
- غرائب وعجائب
- فيديو
- فيديو
- لقاءات
- محليات
- محليات
- مطبخ حواء
- مقالات
- وثائقي
- وسائط
الارشيف
- October 2024
- September 2024
- August 2024
- July 2024
- June 2024
- May 2024
- April 2024
- March 2024
- February 2024
- January 2024
- December 2023
- November 2023
- October 2023
- September 2023
- August 2023
- July 2023
- June 2023
- May 2023
- April 2023
- March 2023
- February 2023
- January 2023
- December 2022
- November 2022
- October 2022
- September 2022
- August 2022
- July 2022
- June 2022
- May 2022
- April 2022
- March 2022
- February 2022
- January 2022
- December 2021
- November 2021
- October 2021
- September 2021
- August 2021
- July 2021
- June 2021
- May 2021
- April 2021
- March 2021
- February 2021
- January 2021
- December 2020
- November 2020
- October 2020
- September 2020
- August 2020
- July 2020
- June 2020
- May 2020
- April 2020
- March 2020
- February 2020
- January 2020
- December 2019
- November 2019
- October 2019
- September 2019
- August 2019
- July 2019
- June 2019
- May 2019
- April 2019
- March 2019
- February 2019
- January 2019
- December 2018
- November 2018
- October 2018
- September 2018
- August 2018
- July 2018
- June 2018
- May 2018
- April 2018
- March 2018
- February 2018
- January 2018
- December 2017
- November 2017
- October 2017
- September 2017
- August 2017
- July 2017
- June 2017
- May 2017
- April 2017
- March 2017
- February 2017
- January 2017
- December 2016
- November 2016
- October 2016
- September 2016
- August 2016
- July 2016
- June 2016
- May 2016
- April 2016
- March 2016
- February 2016
- January 2016
- December 2015
- November 2015
- October 2015
- September 2015
- August 2015
- July 2015
- June 2015
- May 2015
- April 2015
- March 2015
- February 2015
- January 2015
- December 2014
- November 2014
- October 2014
- September 2014
- August 2014
- July 2014
- June 2014
- May 2014
- April 2014
- March 2014
- February 2014
- January 2014
- December 2013
- November 2013
- October 2013
- September 2013
- August 2013
- July 2013
- June 2013
- May 2013
- April 2013
- March 2013
- February 2013
- January 2013
- December 2012
- November 2012
- October 2012
- September 2012
- August 2012
- July 2012
- June 2012
- May 2012
- April 2012
- March 2012
- February 2012
- January 2012
- December 2011
- November 2011
- October 2011
- September 2011
- August 2011
- July 2011
- June 2011
- May 2011
- April 2011
- March 2011
- February 2011
- January 2011
- December 2010
- November 2010
- October 2010
- September 2010
- August 2010
- July 2010
- June 2010
- May 2010
- April 2010
- March 2010
- February 2010
- January 2010
- December 2009
- November 2009
- October 2009
- September 2009
- August 2009
- July 2009
- June 2009
- May 2009
- April 2009
- March 2009
- February 2009
- January 2009
- December 2008
- November 2008
- October 2008
- September 2008
- August 2008
- July 2008
- June 2008
- May 2008
- April 2008
- March 2008
- February 2008
- January 2008
- December 2007
- November 2007
- October 2007
- September 2007
- August 2007
- July 2007
- June 2007
- May 2007
- April 2007
- March 2007
- February 2007
- January 2007
- December 2006
- November 2006
- October 2006
- September 2006
- April 2006
- November 1435
Tags
أسبانيا أطباق رمضانية إيطاليا اتصالات الإماراتية ارشادات اطفال اقتصاد الإمارات الامارات البرازيل البشرة الصين الطفل النساء اليابان تركيا تغذية تقنية جمال جهاز المناعة حل اربع صور حواء خسارة الوزن دبى دبي رشاقة رمضان سلطنة عمان سوريا سويسرا صحة صحة وتغذية صور صورة طب طريقة تحضير عالم الطفل علاج مصر مطبخ مطبخ الوصفات مطبخ حواء مقادير نصائح هولنداMeta