حكومة هولندية جديدة في الأسبوع القادم
اذاعة هولندا العالمية – مع إبرام اتفاق الائتلاف الجديد بين حزب العمل PvdA (يسار وسط) والحزب الليبرالي VVD شكلت هولندا حكومة جديدة برئاسة رئيس الوزراء السابق مارك روتا وهي تعتبر حكومة موالية لأوربا ومؤيدة لسياسات التقشف الحكومي والتي تعتزم خفض إنفاق الدولة بمقدار 16 مليار يورو بحلول عام 2017.
‘ترتيب الأمور المالية هي من الأولويات المطلقة’ وفقا لرئيس الوزراء مارك روتا الذي يترأس الحكومة الهولندية لفترة رئاسية ثانية. واستهدف كل من روتا وشريكه ديدريك سامسوم رئيس حزب العمل خلال مفاوضاتهما قطاع الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي والتعليم. ‘الجميع سيضطر لتقديم بعض التضحيات’ وفقا لسامسوم.
الطلاب
وهذا يعني استبدال المنح الدراسية المجانية بالقروض التي يتوجب على الطالب إعادة دفعها لخزينة الدولة بعد الانتهاء من الدراسة. والحد من السفر المجاني للطلاب عبر خطوط السكك الحديدة وتقليص عدد الكتب الدراسية المجانية.
‘اعتقد أن هولندا ستخسر الكثير من الطلاب بسبب هذه الإجراءات’ تقول كريمة أدا طالبة من أصل مغربي، تدرس في كلية التمريض بأمستردام وتعتمد كليا على المنح الحكومية لتغطية تكاليف الدراسة.
‘إلغاء المنح، وتغيير بطاقات السفر المجاني للطلاب، وإلغاء تخفيضات التأمين الصحي سيكلف الطالب ما معدله 5,000 يورو سنويا’ يقول تايس فان ريكام، رئيس مجلس إدارة مجموعة الضغط الطلابية (اللوبي) ISO .
كما تعهد القادة السياسيين برفع السن القانونية لشراء وشرب الكحول من 16 إلى 18 سنة.
الهجرة والإندماج
وبالنسبة للمهاجرين واللاجئين في هولندا، يقدم الائتلاف الجديد مزيجا من التغييرات. سيتم منح العفو العام لجميع الأطفال اللاجئين الذين عاشوا في البلاد أكثر من خمس سنوات، مما يعني تسوية معركة محتدمة لسنوات مضت بين البلديات والحكومة المركزية حول عدم ترحيل القاصرين.
كما سيسمح لأفراد العائلة المباشرة البقاء مع الأطفال في هولندا مما يعني أيضا إزالة العقبات القديمة التي شهدها لاجئون تم ترحيل بعض أفراد عائلتهم خارج البلاد.
وفي الوقت نفسه سيتم استبعاد فئة المهاجرين من تلقي خدمات الضمان الاجتماعي على مدى السبع سنوات الأولى من إقامتهم في هولندا، وتغيير فترة الإقامة من خمس إلى سبع سنوات كشرط أساسي في المشاركة في التصويت للانتخابات المحلية والوطنية.
حظر البرقع وتخفيض المساعدات
كما ستدخل السياسة المسماة بسياسة حظر البرقع حيز التطبيق في مجالات التعليم والمواصلات العامة، والرعاية الصحية والمرافق الحكومية حيث يحظر لبس أية ملابس تخفي الوجه وتغطيه تماما ولا يعني ذلك حظر الحجاب الذي يغطي الرأس والشعر. يضاف إلى ذلك أن أي شخص يلبس ما يغطي الوجه تماما لن يحصل على المساعدات الاجتماعية المخصصة للعاطلين عن العمل والباحثين عنه (التأمين الاجتماعي).
وينطبق نفس الأمر على أي شخص لا يتحدث اللغة الهولندية إذا أن الحصول على المساعدات الاجتماعية مرتبط أصلا بالبحث الجدي عن العمل وتعتبر فرصة من لا يتكلم الهولندية ضئيلة جدا في الحصول على عمل لذلك أصبح القدرة على التحدث بالهولندية شرطا للحصول على المساعدات الاجتماعية التي تدفعها الحكومة.
واتفق الحزبان الحاكمان على تخفيض المساعدات التنموية التي تقدم للدول النامية من 4.6 مليار يورو حاليا إلى 3.6 مليار يورو. وعلقت السيدة فرح كريمي النائبة البرلمانية السابقة عن حزب العمل ومديرة منظمة نوفيب اوكسفام التنموية بالقول بان هذه التخفيضات تسبب الصدمة وأسوأ بكثير مما توقعت وتخالف اتفاقيتين دوليتين بشأن المساعدات التنموية. ستتراجع هولندا عن الاتفاق الدولي الذي ينص على ان تخصص الدول الصناعية 0.7% على الأقل من إجمالي ناتجها القوي للمعونات التنموية كما أن الموازنة الجديدة تخلو من أية مخصصات لدعم المشروعات والسياسات البيئية في الدول النامية حسب المعاهدات الدولية.
لكن قادة الحزبين الليبرالي والعمل يؤكدون أن هذه الإجراءات ضرورية حتى تتمكن هولندا من تجاوز أزمة اليورو باقتصاد معافى.
بالرغم من أن الاقتصاد الهولندي يعتبر من أفضل الاقتصاديات الأوربية أداءً إلا أن هولندا تعاني من ارتفاع معدلات البطالة، تدنى أسعار المنازل والعقارات وبعض مظاهر الركود الاقتصادي.
مثل جارتها الكبرى ألمانيا، اختارت الحكومة الهولندية الجديدة وعلى خطى سابقتها سياسة شد الحزام على البطن وتخفيض الإنفاق لتخفيض الين العام.
مد الجسور
بموجب الاتفاق الذي وقعه الحزبان الحاكمان سيتحمل أغنياء هولندا جزءا كبيرا من تبعات استعادة الاتزان في الإنفاق العام والموازنة العامة ويقول كل من طرفي الائتلاف الحاكم انه قدم تنازلات كبيرة لمد الجسور بين حزب العمل والحزب الليبرالي الذين على طرفي نقيض إيديولوجيا. وقال ديريك سامسون زعيم حزب العمل ان سياسة مد الجسور تعني أيضا التقارب بين الاغلبية والعارضة في البرلمان والتواصل بين الساسة والمواطنين وبين الهولنديين الأصليين والمهاجرين وإشاعة روح التفاؤل والأمل في المجتمع.
ومن الاتفاقات التي قابلها الرياضيون بخيبة أمل تخلى الحكومة الجديدة عن مشروع استضافة العاصمة أمستردام للألعاب الاولمبية عام 2028 بعد قرن من آخرة مرة استضافت فيها هولندا الألعاب. وبررت الحكومة الهولندية موقفها هذا بان نفقات استضافة هذه الألعاب والأعمال الإنشائية الضرورية لها محفوفة بالمخاطر الاقتصادية ولا تتمتع بسند شعبي كبير في هولندا في الوقت الراهن.
وألغت الحكومة الجديدة نظام بطاقات المخدرات الخفيفة التي كانت بعض البلديات قد بدأت في تطبيقه لتمكين الهولنديين فقط من التردد عل مقاهي المخدرات الخفيفة المسموح بها في هولندا. لكنها قررت إلزام أصحاب هذه المقاهي من التأكد من أن جميع زبائنهم من الذين يقطنون في هولندا وذلك للحد من سياحة المخدرات التي تتدفق على هولندا في الصيف ومواسم الأعياد.
ستواجه الحكومة الجديدة المؤلفة من حزبين فقط لأول مرة منذ أكثر من خمسين سنة معارضة برلمانية تضم تسعة أحزاب من أقصي اليمن لأقصى اليسار كما أنها أول حكومة يستبعد منها الحزب المسيحي الديمقراطي والأحزاب الصغيرة منذ وقت طويل جدا.
ومن المشكلات التي يمكن أن تواجه الحكومة الجديدة أنها لا تتمتع بالأغلبية في الغرفة الولي من البرلمان ‘مجلس الشيوخ’ وقد تعطل الأغلبية المعارضة في مجلس الشيوخ بعض سياساتها وتشريعاتها لكن ليس من المتوقع أن يؤدي ذلك لإسقاط الخطط الرئيسية للحكومة وبرنامجها.