ليس لي غير كلمة “انچعموا” أقولها للكثيرين من حزب النظام الذين أضجرونا وأقرفونا بخطاباتهم السقيمة عن الديمقراطية الكويتية ودولة المؤسسات وحكم القانون وحكمة السلطة. “انچعموا بالكويتي” تعني اصمتوا، وأغلقوا أفواهكم تماماً، فإن تكونوا في حكم الساكت عن الحق الذي هو كالشيطان الأخرس فربما أفضل بمرات من ثرثرة الرياء والنفاق وتزوير الحقائق وتضليل الناس التي تخنقوننا بها عن إمبراطورية العدالة الكويتية.
قبل سنوات، أخبرني الزميل أحمد الديين، وكان يكتب في جريدة الراي، أن تعليمات سلطوية فرضت سطوتها، وتم توقيف زاويته، فقمت بالاتصال بعدد من الزملاء الكتاب، واتفقنا أن نترك مكان زوايانا مساحة بيضاء، احتجاجاً على قهر حرية الضمير، وكتبت افتتاحية صغيرة في “القبس” بعنوان “مساحة بيضاء نتركها لكم” إن لم أنس العنوان، لم تكن في حقيقتها بيضاء، وإنما كانت سوداء، بمثل سواد “حريات الضمير” في هذه الدولة، التي تتماهى بممارساتها السلطوية مع شقيقاتها بدول مجلس التعاون. حدث منع أحمد الديين، تم في ظل قانون المطبوعات والنشر القديم، واليوم، المساحة السوداء تعيد ذاتها، مع القانون الجديد وإن كان بدون حكم القانون، فقبل أيام حظرت السلطة الكبرى على قناة اليوم برنامج “توك شوك” لمحمد الوشيحي، هكذا دون أسباب، غير أن الزميل عبر عن رأيه منتقداً ممارسات “البعض” من أمراء القبائل الذين يفرشون السجاد الأحمر، ويسكبون قوارير ماء الورد ويحرقون البخور حين يزور ديوانهم شيخ من أسرة الصباح. كان ينتقد البعض وليس الكل، لم يعمم، ولم يحد عن الصواب في نقد سلوكيات الرياء والتزلف البعيدة عن أخلاق هذا المجتمع، والمتناقضة مع الكبرياء الإنساني، لكن في عرف أهل السلطة الوشيحي انتقد بالتلفزيون أعرافاً اعتاد عليها وعلى منهجها المخجل الكبار، في تكريس أعراف الذل والتزلف، التي تكون لقاء مقابل مادي، وتحقيقاً لتراثيات شاعر البلاط والخليفة الحاكم، عندما يأمر الأخير الخازن بأن يعطي شاعره المداح: صرة من بيت المال!
أما الزميل محمد الجاسم، اختلفنا معه أو اتفقنا، فهو يمثل عقدة أبدية عند “الأكابر”، فقد حظرت مقالاته، وهي مصدر رزقه في جريدة عالم اليوم، قبل فترة، لم يكن هناك حكم قضائي، ولا غير ذلك، غير مزاج أهل الحل والعقد، الذين “يرون ما لا نراه” حسبما يتراءى لهم أنه من أجل الوطن ومصالح الوطن. ومن جديد، تعود الملاحقة السلطوية للقلم، وأصحاب القلم وما يسطرون، ويتم الحجر على رأيه، ويمنع من الكتابة في “الكويتية” لأنه حسبما يقولون الجريدة بيعت، والملاك الجدد، “ويا عيني عليهم” لا يهضمون رأي الجاسم…!
أليس من حقنا، أن نخشى على أنفسنا، أن نقلق من ردود فعل كلماتنا مهما تواضعت وطأطأت الرؤوس لحكم القوانين والأعراف الجائرة، في وطن الحريات والدستور وحكم القانون… وتحياتي للمؤلفة قلوبهم الدائرين في فلك صرر بيت المال.