أبشركم أن أوباما قرر أن ليس من مصلحته أن يدخل حرباً في سورية، وأن يترك «القاعدة» وأخواتها تحارب حزب الله في سورية حتى يقضي أحدهما على الآخر، وبدلاً من أن تحارب أميركا عدوين، وجدت أن من مصلحتها أن توفر طاقتها، وتقتصر على دعاء شهير لدينا يقول: «اللهم اجعل حيلهم بينهم»، أي اجعلهم يقتتلان بكل طاقتهما، ففي النهاية سينتصر واحد، لكن المنتصر سيخسر نصف قوته وشجاعته وحماقته، وربما تورثه الحرب حكمة أن ينشد السلامة في المواجهات الأخرى.
ما يهمني ليس قرار أميركا الذكي، ولا قدرتها اللعب على حبلين، فهي مرة تدخل حرباً – كما في العراق – لتزرع ورد الديموقراطية ومرة – كما في سورية – تحمي مصلحتها الشخصية، وفي كلا الحالتين يموت الشعب.
المهم من هذا كله أن هذه الحرب المفيدة لأميركا بين حزب الله و «القاعدة» ليست حرباً صامتة، بل تحتاج دعاية وأيديولوجيا تخدمها وتقنع شبابها وميليشياتها «أن قتلاها في الجنة وقتلى الطرف الآخر في النار».
أما الاكتشاف المذهل الذي وصلتُ إليه أخيراً هو أن هذه الحرب هي بين السنة والشيعة، وفي كل بقعة عربية هناك إما أقلية شيعية أو عربية، وربما أدركتم خلال الأعوام الماضية وبعد أن شاهدتم مسلسل الثورات أن الحكام ليسوا هم من ظلموا وقهروا فقط، بل إن الشعوب العربية أشد ظلماً وقهراً، وإن كنتم تظنون أن حدود الحرب ستكون سورية فأنتم مخطئون، فالحرب ستدخل غرف نومكم وهواتفكم ومطابخكم، وسيشارك فيها كل فرد من السنة والشيعة. ستكون في البداية على شكل حوار يظن فيه الطرف البادئ أنه قادر على إثبات – بكل بساطة – أن الحق مع جماعته، وأن الجماعة الأخرى في ضلال، وأنه يريد الخير لها وهدايتها، لكنها ستنتهي بأن يبشّر كل طرف الآخر بأنه ضال، وأن مصيره النار وبئس المصير.
ومثلما انقرضت الديناصورات بسبب سحابة غبار كونية، فإننا نحن العرب سننقرض قريباً بسبب سحابة طائفية «ستعدمنا العافية»، لأن الإدارة الأميركية قررت أن تجعلنا نخوض حرباً عنها ومن دون مقابل، بمعنى أن المرتزقة لا يزالون أكثر عقلاً منّا، فهم على الأقل يقبضون ثمناً، وستدخل الشعوب العربية حرباً يقودها فصيلان يلعبان السياسة بشعارات دينية، ولن تدرك الحشود الغبية المنساقة وراءها حقيقة قياداتها، فهذا حسن نصرالله يرسل عبر روسيا رسائل تطمئن إسرائيل أن حربه في سورية لن تطاولها، وهذه «القاعدة» التي تعادي الشيعة ترتمي في أحضان إيران متى ما ناسبتها الفرصة.
أوباما سيزور السعودية هذه الأيام وعدداً من الدول العربية، لكنه من دون شك سمع رسالة السيدة المصرية التي حملت شجرة ملوخية فوق كتفها وهي عائدة من السوق، ووجدت تصويراً تلفزيونياً، فقررت ألا تفوّت فرصة المشاركة برأيها فتوجهت للكاميرا وقالت: «أوباما شت آب يور ماوس»، فذهب قولها بين الناس مثلاً، وصُنع منه شعار طبع على القمصان وأكواب القهوة ومقاطع «واتساب».
الناس غاضبون منك يا أوباما على طريقة سيدة الملوخية، ويطلبون منك أن تقفل فأرك الذي يلعب بعقلك، وإن كنت تريد حرباً فادخلها أنت بدلاً من توريطنا فيها.