قال تعالى: {لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم}
قضية سحب الجناسي خطوة أقدمت عليها الحكومة في الآونة الأخيرة بطريقة أجمع المخلصون للكويت أنها تحتاج الى اعادة نظر ووقفة جدية من قبل الحكومة وكل عقلاء البلد للنظر في مدى الضرر في مثل هذه القرارات على مستقبل البلد ووحدته والشعب ولحمته.
– فهل تعلم حكومتنا الرشيدة ان نزع صفة المواطنة من شخص لمجرد الخلاف السياسي أمر بالغ الخطورة على مستقبل البلد، حيث ان هذا الفعل سَيُغَيِّبُ جماعات الناصحين المشفقين على الكويت، الذين وان اختلفنا مع بعضهم بسبب افراطهم باستخدام وسائل التعبير، ولا نرضى أبدا أسلوب البعض الآخر في اختيار العبارات غير اللائقة، أو الأفعال المندفعة غير الموزونة، الا اننا لا نشك بولائهم جميعا دون استثناء للكويت ولا لسمو الأمير – حفظه الله -، فقد جُرِّبُوا في أشد الظروف قساوة وشدة فكانوا نعم الأبناء لوطنهم، ونعم الشعب لأسرة حكمهم، وفي مقابل غياب الناصحين سيتولد جيشُ المنافقين والمنتفعين الذين لا هم لهم الا مصالحهم الشخصية الضيقة، والانتصار لوجهات نظرهم القاصرة المتعالية، يندس بينهم ثلة من المتربصين الحاقدين الذين لا يتمنون الخير لبلادنا ولا البقاء لقيادتنا السياسية – حفظها الله من شر الأشرار – بل هم يتذللون في الخطاب، ويؤيدون الحكومة كذبا وتزلفا في كل موقف، صواباً كان أو خطأً، حتى اذا سنحت لهم الفرصة انقضوا على كيان الدولة فهدموه – لا بلغهم الله مرادهم – وقديما قيل:(صديقك من صَدَقَكَ لا من صَدَّقَكَ)، أي الصديق هو الذي ينصح ويوجه وينتقد، لا الذي يؤيد صاحبه في كل شاردة وواردة.
– وهل فكرت حكومتنا الرشيدة بخطورة مثل هذه القرارات على اللحمة الداخلية وتماسكها في ظل المتغيرات السياسية المتسارعة من حولنا؟، أليس من الحكمة التأمل في ان مثل هذه القرارات قد يوجد فجوة يدخل منها من يتربص بوحدتنا الوطنية ويسعى لزعزعة لحمتنا الداخلية؟، فيجد مرتعا خصبا لكسب ولاءات، وخلق عداوات، وبث سموم وصراعات.
– ألا تعلم حكومتنا الرشيدة ان أحد أهم أسباب ضياع الدول بل وهلاكها هو الانتقاء في العقاب والتفريق بين الناس في تطبيق القانون؟ قال صلى الله عليه وسلم: (انما أهلك من كان قبلكم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه واذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد).
– لقد سمعنا تصريحات ورأينا مواقف يشيب لها الرأس من شدتها وشدة الضرر الذي ألحقته بالكويت سواء على المستوى المحلي أو الاقليمي، ومنها من هدد السلطة السياسية دون أي تورية، وهاجم الشعب الكويتي بكل طائفية؟ ومع هذا لم يمس أصحاب تلك التصريحات بأي سوء.
– ألا تعلم حكومتنا الرشيدة ان احالة كل من تراه قد ارتكب جريمة لا يستحق معها شرف المواطنة، ألا تعلم حكومتنا ان احالته الى القضاء هي الطريق الأمثل؟ فالقضاء هو الملاذ بعد الله، وهو السلطة التي تنظر الى الأمور بعين القانون وتطبيقه، والسعي وراء العدل وتحقيقه، بعيدا عن الوشاية أو الافتراء أو رمي الناس بما ليس فيهم، فلا يصح ان تكون الحكومة مع من يخالفها سياسيا هي الخصم والحكم.
– أيعقل يا حكومتنا الرشيدة ان تفعل الكويت هذا الفعل فتنزع المواطنة عن أبنائها لأسباب سمعناها؟، ولو كانت كلها صحيحة، فهي في نظر كل العقلاء المخلصين للكويت لا يجوز بأي حال من الأحوال ان ترقى فتزيح ذلك الوصف (كويتي) عن من حمله واتصف به.
– أيعقل يا حكومتنا الرشيدة وبسبب موقف سياسي، أيعقل ان يؤخذ الأبناء بخطيئة ارتكبها غيرهم، والله يقول: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، خطيئة مضى كل من شارك فيها الى ربهم، وبقيت أجيال على مدى أكثر من أربعين عاما لم تعرف الا الكويت وطناً، والكويتية مواطنةً، والصباح أسرة حاكمةً، ألا من سبيل حكيم ورأي رشيد وقول سديد يحل هذه المعضلة الشرعية والقانونية دون المساس بكرامة المواطنين، أو تهديدهم بالاعدام المدني المُسَمَّى: بسحب الجنسية!؟.
– أيعقل يا حكومتنا الرشيدة: ان الكويت التي تحملت أذى من آذاها وعدوان من اعتدى عليها وغزاها، فلم تَأْلُ جهدا، ولم تَدَّخِرْ وُسْعاً بمد يد العون لكل محتاج واغاثة كل مستغيث، دون النظر الى فداحة جريمته ضد الكويت حكاماً وشعبا، بل قدمت العون دون تعيير ولا منة، أفتضيق الكويت بأبنائها!؟ وتوقع عليهم عقوبات أبى اسلامها وعروبتها ومبادئها ان توقعها على ألد أعدائها وخصومها!؟، فكيف يتسع صدرها لفعل ذلك مع أبنائها ويطيب خاطرها وهي تدفع عن رحمها أبناءَها، دون تنبيه بخطاب أو تدرج بعقاب!!؟.
انني في الحقيقة وبنَفْسٍ مِلْؤُها التفاؤل، ومشاعر فياضة باحقاق العدل والانصاف، لا أخاطب إلا سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد – حفظه الله -، أخاطبه باسم المخلصين من أبناء الكويت، أخاطبه خطاب الأبناء لأبيهم، لا خطاب الرعية لأميرهم: فيا سمو الأمير مهما جنح الأبناء فلن يعاقبهم الأب بما يزيد عليهم الشُّقَةَ والعناء، فرفقاً رفقاً يا سمو الأمير في الرعية، رفقاً ينجي الله به من كل مصيبة وبَلِيَّة، قال صلى الله عليه وسلم: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء) وقال صلى الله عليه وسلم: (ان الرفق ما وجد في شيء الا زانه)، فأبناؤك بحاجة الى نظراتك الحانية، وتوجيهاتك السامية لرفع هذا القرار عنهم، فتعيد لهم الاستقرار والابتسامة، وتبعد عنهم الهم والكآبة، قال صلى الله عليه وسلم: (من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة).
وكلمة حق أقولها: ان أشد ما آلمني هو شمول هذا القرار للداعية الشيخ نبيل العوضي الذي عاصرته منذ المرحلة الثانوية مرورا بهذه السنوات الطويلة فما وجدت في أفعاله وأقواله الا حب الكويت وقيادتها وشعبها، والحرص على أمنها واستقرارها، والوقوف ضد أي عمل يهدد كيانها، لا يساوم على أمن الكويت ووحدتها، يقف مع المتغيرات السياسية موقف الناصح المشفق، وكل منصف يسمع هذا ويشاهده ويقرأه في مقالاته ومختلف برامجه الاعلامية، وما خطابه الاعلامي حول المتغيرات التي طرأت على الساحة الكويتية أخيرا الا أكبر شاهد على ذلك.والشخصية الثانية التي آلمني شمولها القرار هو أخي النائب السابق عبدالله البرغش، الذي زاملته في عضوية مجلس الأمة فوجدت فيه صدق النصيحة والاخلاص لبلده ولقيادته السياسية، ولا أذكر الا انتصاره في مجلس الأمة لكل ما من شأنه الحفاظ على بلده الكويت ومقدراتها، ووحدتها واستقرارها، فأمثال الداعية الشيخ نبيل العوضي، والنائب السابق عبدالله البرغش يحبون الكويت، وقطعا الكويت تحبهم وأُسَرَهُم، فهم جميعا لم يعرفوا غير الكويت ولن تُرْخِصَهُم الكويت – باذن الله – لغيرها.ولن يرضى قائدها سمو الأمير – حفظه الله – بظلمهم، فأبشروا يا من شملكم قرار سحب الجنسية، أبشروا بانصاف أمريكم، ورد شرف المواطنة لكم.
نسأل الله تعالى ان يصلح ذات بيننا، وأن يؤلف بين قلوبنا، وأن يهدينا سواء الصراط.وأن يحمي بلدنا الكويت من شر الأشرار وكيد الحاقدين الفجار، ويوفق أميرنا لكل ما فيه خير لشعبها في الدنيا والآخرة.