الخطأ هو سمة من سمات البشر ولكن علينا فهم الأسباب التي أدت إلى ذلك , فهو مؤشر على وجود خلل إما في قلة المعلومات أو طريقة التفكير ولكن يتعين على الإنسان عدم تكرار ذات الخطأ ,
فالمؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين , ومن يكرر أخطاءه يفتقد نوعاً من التعامل بحكمة وعدم الفهم الدقيق ويعاني من صعوبة في فرز الأشياء بعضها عن بعض ,
فحينما يعترف المخطئ بخطئه ومواجهته فإنه يسعى إلى التطوير وبالتالي يتعين علينا التركيز على الخلل بالضبط لمحاولة علاجه.
دهشت كثيراًحينما قرأت التعليقات الخاصة بهاشتاق إرحل يا جابر في برنامج التواصل الإجتماعي ” تويتر ” ,
فعدت بذاكرتي إلى حملة ارحل يا ناصر حينما تم إيهام غالبية الشارع الكويتي بأن المجلس المختطف وإختزال جميع مشاكل البلد والفساد المنتشر في شخص واحد !
ثم ماذا؟ ماذا استفادت الكويت بعد رحيل رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد؟ هل تم القضاء على الفساد؟ هل تم إعمار البلد؟ بالنسبة لي ورغم قلة خبرتي السياسية حالي حال حقوقنا السياسية مؤخراً , إلا أنه سرعان ما إنزاحت الغمامة من عيني , وإتضحت الصورة لدي , وبدأت أنظر للأمور من زاوية أخرىخصوصاً بعد إنعقاد مجلس الأغلبية المبطل ,
وكيف تحولت المطالب لديهم من محاربة فساد والدفاع عن المال العام إلى السعي خلف تقييد حريات الشعب الشخصية وكان واضحاً ذلك من المطالب الأولى لنواب الأغلبية سواء تعديل المادة الثانية أو أسلمة القوانين …وغيرها من المطالبات ,
ولم تذكر هذه الأهداف المطلوب تحقيقها حسب ما ورد في ساحة الإرادة , ولم تكن من بين الوعود التي وعدوا الشعب بها , بل كانت مطالب قواعدهم الإنتخابية فغلبت عليهم بذلك مصالحهم الخاصة على مصلحة الكويت .
وبعد قراءة متأنية لسير الأحداث السياسية والأزمات التي مررنا بها يفضي بنا إلى حقيقة مفادها بصورة مختصرة الآتي:
1ـ فشل حملة ارحل يا ناصر , فقد كانت مبنية على أساس الخلافات وتصفية الحسابات الشخصية بين مجموعة من السياسيين استغلوا إستياء وغضب الشارع الكويتي من حال البلد المتردي , والدليل على ذلك عدم تقديم برنامج وطني شامل حيث الهدف الأول والأخير كان رحيل شخص فقط لا غير وليس مصلحة وطن .
2ـ ما تمر به البلاد حالياً لا يمكن إختزاله في شخص واحد فقط وإنما نتيجة عوامل عديدة اشترك فيها عدة أطراف , فالحكومة كان لها دور من ناحية بسبب تجاه الشعب والوطن وتعلقها بشماعة أن كثرة الإستجوابات سبب في تعطيل التنمية , إضافة إلى إنحراف غالبية النواب عن القيام بدورهم الحقيقي وهو التشريع والرقابة , وأخيراً الطرف الثالث والأهم وهو الشعب , حيث دوره أساسي في رسم خارطة السياسة الكويتية لذلك يحتاج لحملة توعية كبيرة لعدة مفاهيم منها الحرية والمواطنة والإبتعاد عن الفكر الطائفي والقبلي والعائلي والخدماتي .
اليوم مع الأسف هناك من ينادي بتكرار ذات الخطأ والبعض يتبعهم دون تفكير , وهذا هوالكرت الذي سيلعب به البعض في الفترة القادمة , عن طريق إيحاء الشارع الكويتي بأن حملة ارحل يا جابر هي التي ستنقذ الكويت وستعيدها كما كانت , وبإعتقادي مجرد التفكير بهذه الصورة إنما يدل على عقلية ساذجة وبسيطة فمشكلتنا أعمق بكثير من هذه المطالب السطحية فتغيير الأشخاص مجرد حلول شكلية , وبدل المطالبة برحيل شخص يتعين المطالبة بالإصلاح الحقيقي عن طريق وضع حلول جذرية وخطط وطنية شاملة لحل أزمة السكن والصحة والتعليم … إلح , ولن يتم كل ذلك إلا في حالة تعاون جميع الأطراف السابقة ,
ختاماً علينا مواجهة الواقع حتى وإن كان عكس ما نتمناه والإعتراف بأخطائنا وتحديدها لإصلاح الخلل وتلافيه في المرحلة القادمة , والإبتعاد عن المكابرة , فالمساكل التي تعانيها الكويت بدأت قبل الغزو العراقي الغاشم أي قبل حملة ارحل يا ناصر ولم تنته هذه المشاكل بعد الحملة , لذا لست مؤيدة لحملة ارحل يا جابر , فلن نتطور بهذا التفكير السطحي وهو السعي للإطاحة بأشخاص , الحل يكون ببناء جيل ينهض بمستقبل دولة متوازن بعيد عن الشخصانية ويتمتع بوعي عميق يحكمه القيم ويحتكم إليها وأن يكون هدفه أكبر من حاجاته ورغباته ومؤمن بأهداف أمته .