أعتقد بأنه من واجب العقلاء والحكومة أن يعيان حقيقة نتائج الصوت الواحد وخطورتها على الوطن والوحدة الوطنية بعد أن جربنا النظام الانتخابي لمرتين وشاهدنا طبيعة التركيبة الانتخابية وما آلت اليه من توجه قبلي وطائفي وفئوي لم يسبق له مثيل الأمر الذي لو استمر بهذه الطريقة سوف نبني أجيالاً تسعى لمصلحة القبيلة أو الطائفة أو العائلة دون الاكتراث بمصلحة الوطن والمواطنين خصوصا بعد أن شاهدنا طريقة الطرح والتعصب القبلي والطائفي والفئوي بهذه الانتخابات التي كان البعض يدعي بأنها الوسيلة الوحيدة للقضاء على الطائفية والعنصرية والقبلية وظاهرة شراء الأصوات ..
ففي السابق كان المرشح يدغدغ مشاعر الناخبين في القضايا العامة التي تمس حياته ومستقبله بينما نرى اليوم بأن المرشح يعتمد سياسة « تكفون « يا أبناء قبيلتي ، و«تكفون » يا أبناء طائفتي ، و«تكفون» يا أبناء عائلتي ، وبعد أن كان المرشح مضطراً لعقد الندوات وزيارة الدواوين ليطرح رؤيته وبرنامجه الانتخابي ، اكتفى اليوم بزيارة المقربين له من طائفته أو قبيلته أو عائلته ليحثهم على التصويت له على اعتبار أن الكرسي كرسي القبيلة أو الطائفة أو العائلة وأنه نائب عنهم وليس عن الأمة ، لذلك سوف لن يكون لدينا نواب يحملون هموم الوطن والمواطنين في ظل هذا النظام وسيعتمدون على مصالح قواعدهم الانتخابية التي نشاهدها اليوم تعتمد على القبلية والفئوية الطائفية ..
ونتيجة صراع سياسي مختلف الأطراف والأهداف مررنا بأسوء مرحلة في تاريخنا بدأً من ضرب مكونات المجتمع وشتمتها بوسائل الإعلام الفاسدة والمنحرفة مروراً بقمع الحريات وضرب المواطنين وسجنهم وصولاً الى النظام الانتخابي الحالي الذي حتما لو استمر سيكرس الطائفية والقبلية والعنصرية التي ستهدم أركان الدولة ..
ومن باب المسؤولية الوطنية والمسؤولية الأخلاقية فإنه من الواجب بعد ما شاهدنا هذه التجربة خلال السنوات الماضية أن نقيمّها بعقل وحكمة وندرك مدى خطورتها على مستقبلنا ووحدتنا ، ومن الواجب أن نتناسى خلافاتنا السياسية والفكرية ومبدأ الانتقام من خصومنا التي شاهدنا نتائجها الفاشلة والمدمرة للوطن وللمواطنين ونبدأ صفحة جديدة بمؤتمر وطني للمصالحة نرسم من خلاله ملامح وطننا الذي يجمعنا بكل مكوناتنا ونراعي مصلحته دون أي إعتبارات جانبية ..
يعني بالعربي المشرمح
سياسة « تكفون « لن تبني وطنا ولن تهتم بمصلحته ومصلحة المواطنين بكل فئاتهم خصوصا بعد أن جربنا وسائل عدة كانت نتائجها كارثية ومدمرة وآن الأوان للحكمة والعقل أن يحلا محل الانتقام وتصفية الحسابات فالخاسر من هذا الصراع هو الوطن لا الأطراف المتصارعة ولنا في ما مررنا به من تجربة خير برهان فهل نعي ذلك قبل فوات الأوان ويكون للحكمة والعقل في نفوسنا مكان.