استبشرت الشعوب العربية خيرا بالربيع العربي وفرحت به لعل أمطاره ستكون سقيا خيرا لهم ولأوطانهم فإذا بها سيول جارفة دمرت حياتهم ومستقبل أوطانهم.
توقع من دخل بلاده غيوم الربيع العربي أن تكون أمطاره سقيا خيرا وأن شمس الحرية والكرامة ستشرق حين تنقشع تلك القيوم فإذا بها سيول جارفة تدمر الحرث والنسل، وتوقع من كان يترقبه من بقية الشعوب التي لم تصلها غيوم الربيع أن تقوم حكوماتهم بتهيئة الأجواء المناسبة حتى يكون ربيعهم هادئا وبلا عواصف مدمرة وإذا بها تعمل سدودا هائلة تحول بينها وبين هذا الربيع الذي تحول الى نار حارقة.
يبدو أن الانسان العربي لم يدرج بكشوفات حقوق الانسان، وأن كل ما نسمعه ونقرأه ونراه في الديمقراطيات وحقوق الانسان والحريات لم تكن لأجله كإنسان بل خلقت للغرب وغيرهم من الشعوب على ألا تطبق في الوطن العربي أو تشمل الانسان العربي.
لقد كشف لنا هذا الربيع أن دعاة الديمقراطية وحماة الحريات وحقوق الانسان أنهم أصحاب شعارات فضفاضة يطلقونها ليخيفوا بها أنظمتنا فتخضع لهم ولمصالحهم.
كما كشف لنا هذا الربيع الوجه القبيح لليبرالية العربية التي أقامت الدنيا من أجل الحريات وحقوق الانسان واحترام الآخر لكنها أقعدتها عند أول محك لها لتكشر عن أنيابها ضد إرادة الشعوب واختيارهم وتدعو لعودة الدكتاتوريات مرة أخرى.
هكذا قدر الشعوب العربية التي استعمرت عقودا من الخارج فنهضت فاذا بها مستعمرة من الداخل ففاقت واذا بالخارج والداخل يتآمر عليها ليعيدها الى تلك القيود السابقة وبطريقة بشعة ومدمرة.
يعني بالعربي المشرمح
العرب ينطبق عليهم المثل المصري الشهير «جت الحزينة تفرح ما لقت لهاش مطرح» حيث ورغم كل ما كان تعانيه الشعوب العربية من فقر وذل وحرمان فرحوا بالربيع العربي الذي لم يجدوا به ما كانوا يحلمون به بسبب تآمر العالم عليهم الذي تبين بأنه لم يدرجهم ضمن كشوفاته كبشر لهم حقوق وحريات وكرامة.