لايمكن أن نفسر مفاهيم النظام الديمقراطي وفقا لأفكارنا وأهوائنا كما لا يمكن أن نجزئ مبادئ الديمقراطية وفقا لمصالحنا الحزبية أو الشخصية ضاربين عرض الحائط بمبدأ التداول السلمي للسلطة وقبول الأكثرية لحقوق وخصوصية الأقلية وقبول الأقلية لحق الأكثرية في ادارة السلطة وتمتع الجميع بقيم المواطنة المتساوية والعدالة والحرية.
فما حصل في مصر مؤخرا لايمكن أن يوصف بالعمل الديمقراطي ومبدأ التداول السلمي للسلطة بل هو انقلاب عسكري بالقوة على النظام الدستوري والديمقراطي وسلب لإرادة الأمة التي اختارت بمحض ارادتها وعبر صناديق الاقتراع رئيسا لها..
لقد تحالف الجيش والقوى الليبرالية والتجار الضالعين بفساد الحكم السابق ومن خلفهم الأنظمة الدكتاتورية وبمباركة الديمقراطيات الغربية ليسقطوا ارادة الشعب المصري ويقوضوا دستوره وينهوا بذلك أول نظام ديمقراطي ثار من أجله الشعب في ثورته المجيده 25 يناير.
إن ما حصل في مصر لم يكن وفقا لمبادئ الديمقراطية كالأدوات السلمية للتعبير عن الرفض أو التظاهر السلمي. للضغط على السلطة للرضوخ لمطالب الجماهير بل هو انقلاب مع سبق الاصرار والترصد ومرتب له وبدعم من حكومات عربية وغربية حتى لا يكون النظام الديمقراطي مطلبا لبقية الشعوب العربية التي تعاني من الاستفراد بالسلطة.
مافعله الجيش المصري هو الاستيلاء على الحكم واسقاط الشرعية الدستورية التي أقسم على الحفاظ عليها، ضاربا عرض الحائط باختيار الشعب المصري لرئيسه وسلطته التي جاءت عبر انتخابات حرة ونزيهة، خصوصا أنه أساء تقدير قوة الشعب المصري وإرادته ورفضه لما قام به قائد الجيش عبدالفتاح السيسي حيث ستدفع مصر وشعبها ثمن هذا الخطأ الفادح من استقرارها ووحدتها الوطنية ودماء أبنائها اذا ما قورن بأخطاء الرئيس المنتخب محمد مرسي أثناء ولايته القصيرة..
يعني بالعربي المشرمح
ماحصل في مصر انقلاب عسكري على الشرعية الدستورية وعلى ارادة الشعب المصري ومن السذاجة بمكان أن يوصف هذا العمل بالثورة كما أن ما حصل خطأ كارثي لم يكن بمستوى المسؤولية الوطنية وسيؤدي إلى حرب أهلية ستدفع ثمنها مصر وأبناؤها وسيندم كل من غرر به أو أعتقد أن الأخطاء التي ارتكبها الرئيس المنتخب ستزول بسقوطه خصوصا حين يرى الفرق بين الحكم الديمقراطي والحكم العسكري الذي قد يعيد له النظام السابق الذي ضحى من أجل زواله .