ذكرت بالمقال السابق أن للسلاطين عدة أذرعة منها ما هو بغطاء ديني ومنها ماهو بغطاء علماني، والذراعان يسيران باتجاهين متوازيين ومتناقضين ليصب كل اتجاه منهما في مصلحة السلطة، ولأن الزميل محمد الوشيحي قد كشف لنا عورة الذراع الأول فبات من الضروري اليوم أن نكشف عورة الذراع الثاني في هذه المقالة ..
لست علمانيا أو ليبراليا ولكني أعرف القيم والمبادئ التي نشأت من أجلها هذه المدرسة الفكرية والتي أعلم بأنها لا تتفق وما يقوم به المنتسبون لها من العرب والمسلمين لأنها ببساطة تقوم على مبدأ الحرية والعدالة والمساواة واحترام حقوق الأنسان، وهي المبادئ التي لم يحترمها أو يطبقها هذا الذراع ولادعاة تلك المبادئ والقيم من الليبراليين العرب الذي كشفت لنا حقيقتهم الأحداث الأخيرة في الوطن العربي، لذلك فلا تستغربوا أن يكونوا هم الذراع الثاني للأنظمة الدكتاتورية ولكن بقناع مختلف ..
ولكي نتعرف عليهم أكثر فلنعيد الذاكرة لنعرف حقيقتهم جيدا حيث الديمقراطية والحرية والعدالة وحقوق الانسان التي يتبجحون بها بين اللحظة والأخرى أمام الجماهير المؤيدة لهم ألا أنه وعند أول محك لهم انكشفوا على حقيقتهم وأثبتوا بما لا مجال للشك فيه بأنهم مجرد وعاظ للسلاطين بقناع مختلف وهم الذراع الثاني للدكتاتوريات الموازي للذراع الأول حيث لكل منهم جماهيره ومؤيدوه ليؤدوا مهمة الحفاظ على تلك الأنظمة كل وفقا ما ينادي به ويدعيه إلا أن الأمربات مكشوفا وواضحا بعد أحداث الربيع العربي الذي كشف لنا بأنهم بعيدون كل البعد عن تلك المبادئ والقيم التي ينادون بها ..
ويبدوا أن لتلك المبادئ والقيم تفسيرات خاصة بهم وليست كما نعتقد كجماهير لنكتشف بأن مايدعونه مختلف عما نعتقده.. فلتلك المبادئ والقيم التي يدعون تفسيرات أخرى حسب ما شاهدناه منهم في الآونة الأخيرة حيث يعتبرون الحرية مجرد انحراف أخلاقي وفكري ليس إلا فتجدهم يستميتون للدفاع عن فنانة تعرت أو كاتب شتم الأنبياء والرسل، ويخلقون لنا قضية باسم الحرية ليقاتلوا من أجلها كقضية الاختلاط التي يعتبرونها من الحريات السياسية والمدنية، بينما لا نسمع لهم صوتا يدافع حرية الشعوب باختيار ممثليهم في ادارة شؤونهم ولا نرى لهم موقعا في مطالب الشعوب بحقوقها المدنية والسياسية أضف الى ذلك عزوفهم عن حرية العقل والابداع الذي أعتقد بأنها لاتعنيهم، وحرية التدين والعقيدة التي يعتبرونها تخلف ورجعية يجب القضاء عليها، كما يصفون التظاهر السلمي غوغائية وفوضى، أما المساواة فوجدناهم متعنصرين ولايقبلون بالآخر حيث تعني المساواة بنظرهم مساواتهم بالطبقة العليا والحاكمة دون سواهم حتى وإن كانت تلك الطبقة دكتاتورية وظالمة ليتقاسموا معهم خيرات البلاد والعباد ويشاركون الطغاة في القرار لكي يحققوا مصالحهم الشخصية على حساب مبادئهم وما يدعونه من قيم، وأما العدالة فالعدالة بالنسبة لهم ليست مطلقة بل مقتصرة عليهم ليتبؤوا المناصب القيادية والحساسة دون كفاءة أو شهادة تؤهلهم لذلك لم نعرف معنى العنصرية الا من خلالهم، وإن ذهبنا لحقوق الأنسان فحدث ولا حرج فإذا كان وعاظ السلاطين يسمون مطالب الشعوب بالخروج عن ولي الأمر فهم يصفونها بالغوغائية والفوضى والخروج على النظام فيغضوا الطرف عن امتهان كرامة الشعوب وتعذيبهم وسجنهم وقتلهم ويختفون من حيث المبدأ عن تلك الأحداث ولسان حالهم يقول حيلكم فيهم ..
يعني بالعربي المشرمح:
هذا الذراع تجده أينما تذهب فهو لا يختلف عن الذراع الأول حيث الاعلام لهم والمناصب لهم والمناقصات لهم والتجارة لهم بل حتى الشعوب وأوطانها لهم هكذا هم يعتقدون وبهذا مؤمنون فالسلطة بنظرهم عبارة عن سلطان وذراعين الأول ديني والثاني علماني يتبادلون الأدوار ليضمنوا استمرارهم واستمرار مصالحهم على حساب مصلحة البلاد والعباد فلا تستغربوا أن اتفق الذراعان في مصلحة أسيادهما ضد مصلحة العامة رغم تناقضهما الفكري وحروبهما المفتعلة فما يفعلانه ليس الا أدوارا مرسومة لهما ليشغلا الشعوب عن مطالبها وحقوقها ..
وفاصل وسنواصل في المقالة القادمة أوجه الشبه بين الذراعين .