لأننا جزء لا يتجزأ من الوطن العربي فمن الواجب علينا ألا نخدع أنفسنا بأننا دولة ديمقراطية، وأن السيادة بها للأمة وعلينا أن نكون أكثر واقعية ونتعامل مع واقعنا بطريقة عقلانية دون أن نكابر ونبالغ بأننا ديمقراطيون ونتباهى بديمقراطيتنا على نظرائنا من العرب..
غالبية الدول العربية تجري انتخابات شأنها شأننا وبرعاية ومباركة الأنظمة الحاكمة التي نصف بعضها بالأنظمة الدكتاتورية، ويطغى عليهم نظام الحزب الواحد الذي يسيطر على مقاليد الحكم، بينما نختلف عن ديمقراطيتهم بأن ديمقراطيتنا يطغى عليها النظام القبلي والطائفي والفئوي الذي من شأنه أن يقوض أركان الدولة المدنية ويحولها لنظام غير منتج ولا يرعى المصلحة العليا والعامة..
وغالبية الدول العربية لديها أحزاب معارضة وتشارك بالعملية الديمقراطية إلا أن تلك الأحزاب لا حظوظ لها في النجاح لا لأنها لا تحظى بشعبية واسعة ولكن الحزب الحاكم لا يسمح لها بالفوز والسيطرة فيزوّر ويعتقل ويستخدم كل الوسائل التي تحول من تمكين الحزب المعارض للوصول لسدة القرار أو الحكم دون أن يمنع تلك الأحزاب من حق الترشح حتى لا يصف حلفاءه من الغرب نظامه بالدكتاتوري، بينما نختلف عنهم بأن لدينا معارضة لكنها عشوائية لا تحمل فكراً ولا مشروعاً وطنياً وليست بحزبية وهمها الوحيد العمل الانتخابي لذلك نجدها أحياناً تجتمع لهدف واحد مشترك وتفترق بأهداف كثيرة خصوصا حين يتعلق الأمر بمصلحتها الانتخابية وعادة حين تجتمع على هدف يكون الحل في حلهم..
إذن من المعيب أن نضحك على أنفسنا لنتوهم بأننا نحتفل بكل مرة بعرس الديمقراطية ونحن نعرف تماماُ بأن العروس هي أختها وليست هي، وأن عروسنا الحقيقية والجميلة تم زفافها على الغرب والدول المتقدمة «منذو مبطي» وأن عروسنا أختها القبيحة والشريرة التي أوهمنا أنفسنا مجبرين بأنها الأجمل والأفضل رغم قناعتنا بوهميتها وحقيقتها المرة وقبلنا الزواج منها والاحتفال بعرسها على مضض وعلى مبدأ شيء أفضل من لا شيء..
يعني بالعربي المشرمح
ما نحتفل بعرسه نحن وبقية العرب هو عرس أخت الديمقراطية التي جلبها الغرب لحلفائهم حتى يبرروا لشعوبهم بأن حلفائهم لديهم ديمقراطية كديمقراطيتهم، ونحن كشعوب قبلنا هذه الأخت اللعينة والشريرة لنتفاخر بها ونحتفل في كل مرة بعرسها الذي أصبح ممل بالنسبة لنا كشعوب خصوصا بعد أن فقدنا الأمل بأن تلد لنا هذه الأخت القبيحة عروسا جميلة تشبه أختها التي تزوجها الغرب واكتشفنا أنها عقيمة ولا علاج لها..
شرمحة انتخابية
لأننا البلد الوحيد الذي لا يوجد لدينا أي تفسير للفساد بمعنى أن الفاسد الذي يعيث بالأرض فساداً قد لا يكون ما يفعله فساد على الأقل بنظر الحكومة التي لم نسمع يوماً ما أن لديها فاسد واحد خلف الغضبان الأمر الذي جعل البعض يجاهر بفساده دون خجل أو خوف من عقاب، لذلك نرى وفي هذا الشهر الفضيل ظاهرة شراء الأصوات منتشرة بصورة علنية وكأنها ظاهرة حسنة ومشروعة، فهل تفعلها الحكومة وتضحي بهؤلاء على الأقل لكي تتيح لنا الفرصة ونكتب عنها مقالاً نمتدح ما قامت به من تطبيق للقانون «أعرف بأن الكثير ممن قرأ سيقول أقبض من دبش» ولكن لا نعلم فالله يحيي العظام وهي رميم .