من الخطأ ومن المستحيل ان يحيا الكويتي بلا معارضة، ينشأ الكويتي وهو يرضع السياسة مع الحليب فأصبح يمتلك بنية وتركيبة سياسية مختلفة، لا ينفع معها ان يقوم بتصدير خبرته خارج أرضه أو ان يستورد خبرة سواه.
السلفيون والاخوان والليبراليون الكويتيون يختلفون عن غيرهم، فالسلفي الكويتي تجده أنعم من كثير من السلفيين العرب، والاخواني الكويتي أرى ان خطابه السياسي ليس من انتمائه الاخواني بمقدار ما هو جزء من تنشئته السياسية، وكذلك الليبرالي الكويتي فان معارضته للحكومة أو اختلافاته مع الاسلاميين تصدران من ذات المعين التربوي السياسي، اذا الكويت ليست أحزاباً متضادة بل حزب واحد هو (الكويتي بتنشئته المتفردة) التي تصطبغ بشيء من ألوان الانتماء الديني أو سواها، ولذا فمن الخطأ منع الكويتي من المعارضة لأنها منع للاكسجين الذي نشأ عليه.
المعارضة الكويتية قبل الثورات العربية كانت تحقق نجاحات متفاوتة، ونجاحاتها قبل الثورات في أقل أحوالها تتجاوز نجاحاتها بعد الثورات، بل ربما فقدت بعد الثورات بعض مكتسباتها.
كانت المعارضة والحكومة في الكويت يعيشان حالة غزل متبادل يتخلله خصام يسير أما الآن فالغزل كاد ان يغيب والخصام قد علا صوته.
كان الكويتي يحيا حرية سياسية يتباهى بها على أقرانه العرب أما بعد الثورات العربية فيحيا حالة اختلاط لم يعتدها وتحزبات لم يألفها.
كان الكويتي يختلف مع ابن وطنه لكنه لا يعاديه، ويتحزب لكنه يصادق أفراد الأحزاب الأخرى، أما الآن فقد حدث ما أزعج الكويتي من عراك سياسي يفرق المجتمع، لقد اعتاد قبل الثورات على حوار سياسي يفتخر به على غيره من العرب مما كان يجعل الخلاف بين الكويتين سابقاً يعود عليهم بالاجتماع وليس الفرقة، أراد الكويتي ان يحقق قفزة من الحرية كما حققتها شعوب دول الثورات ونسي انه قد حقق في سنواته السابقة بدون ثورة وبطيب نفس من حكومته أكثر من الذي حققه الآخرون بثوراتهم.
ما كان يحتاجه الكويتي أيام الثورات العربية هو ان يزداد تباهيه بحريته السياسية السابقة ويخاطب العرب بثقته بالمزيد القادم من حكومته، انه التعبير الوفي والشكر المميز لعقود الحرية أيام كان الآخرون يحيون فترات الاستبداد، ان الأخذ في بلاد الحرية يبدأ بالحفاظ على المكتسبات السابقة ثم المطالبة الناعمة بما يتناسب مع المرحلة الراهنة.
في أيام الأزمات يجب عدم نقاش قضايا الخلاف بل البحث في قضايا الاتفاق وعند هدوء الأزمات يبدأ الحديث في قضايا الخلاف، كان الكويتي قبل الثورات العربية يتفاعل مع قضاياه ولا ينفعل أما الآن فالبعض في الكويت ينفعل أكثر مما يتفاعل.
أحبك يا كويت.