جنيف (رويترز) – قالت الأمم المتحدة إن قوافل الإغاثة التابعة لها لا تستطيع الوصول إلى حوالي 250 ألف شخص في مناطق تحاصرها قوات الحكومة السورية أو مقاتلو المعارضة رغم ‘تزايد الحاجات واشتداد الصراع’.
وجاء هذا التقييم المفصل في وثيقة سرية قدمتها فاليري اموس منسقة مساعدات الإغاثة بالامم المتحدة في اجتماع خاص للامم المتحدة في جنيف لم يعلن عنه.
وجاء في الوثيقة التي حصلت رويترز على نسخة منها ‘الاستجابة مستمرة لكنها غير كافية خصوصا في المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول اليها.. التجمعات السكانية المحاصرة ما زالت معزولة.’
وأعلن الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي يوم الاثنين أن محادثات السلام ستعقد في 22 يناير كانون الثاني وهي أول محادثات مباشرة بين حكومة الرئيس بشار الأسد وقوى المعارضة التي تسعى للإطاحة به.
وترسم وثيقة الامم المتحدة وعنوانها ‘الوضع الانساني والاستجابة في سوريا’ صورة قاتمة قائلة إن سوريا شهدت 900 اشتباك مسلح في اكتوبر تشرين الاول مقارنة مع 500 في مايو ايار.
وتصف الوثيقة ما تقول انه ‘أجواء خطيرة وصعبة لعمال الاغاثة الانسانية’ وتقول ان 12 من موظفي الأمم المتحدة و32 من المتطوعين أو العاملين بالهلال الاحمر العربي السوري قتلوا منذ بدء الصراع في مارس اذار 2011. وأضافت دون الخوض في التفاصيل ان 21 آخرين من موظفي الأمم المتحدة ما زالوا محتجزين.
وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء إن موظفها محمد سهيل يوسف قتل هو وثلاثة ركاب اخرين يوم 24 نوفمبر تشرين الثاني عندما أصابت قذيفة مورتر السيارة التي كانوا يستقلونها في ضاحية الغوطة على مشارف دمشق.
ودفع الصراع 6.5 مليون شخص إلى النزوح داخل سوريا وفرار 2.2 مليون آخرين إلى خارج البلاد. وأعلنت الأمم المتحدة في يوليو تموز أن الصراع أودى بحياة 100 ألف شخص لكن هذه التقديرات لم يطرأ عليها اي تحديث منذ ذلك الحين.
وقالت الوثيقة ان نحو 9.3 مليون سوري داخل البلاد نصفهم أطفال يحتاجون للمساعدة وان عدد المصابين أو الذين في حاجة للرعاية الفائقة لانقاذ حياتهم يقدر بنحو 575 ألف شخص.
وتقول الوثيقة إن الحكومة رفضت في الشهر الأخير الاذن لقوافل الأمم المتحدة أو بعثاتها بدخول مناطق تحاصرها قوات الأسد ومن بينها المعضمية حيث يعيش 7 الاف شخص والغوطة الشرقية التي تضم 160 الفا وكلتاهما خارج دمشق وكذلك مدينة حمص القديمة حيث يعيش أربعة آلاف شخص. وثمة نحو 25 الف شخص محاصرين بين الجانبين في اليرموك وتسعة الاف في داريا وهما منطقتان تقعان خارج العاصمة مباشرة.
وجاء في الوثيقة انه لم يتم السماح ايضا بدخول قريتي نبل والزهراء اللتين يعيش فيهما 45 الف شخص محاصرين على أيدي قوات مختلفة من المعارضة في محافظة حلب الشمالية.
ولم تتم الموافقة في المجمل إلا على تسع قوافل في نوفمبر تشرين الثاني منها سبعة إلى حمص ارتفاعا من ثلاثة أو أربعة شهريا في الاشهر الاخيرة.
وقالت الوثيقة ‘ما زالت اجراءات الحصول على الموافقة كما هي لكن هناك وعود بالتغيير’ مشيرة إلى الإجراءات المطولة لطلب التصريح بإرسال قوافل.
وتقول الوثيقة انه ليس مسموحا للأمم المتحدة سوى باستخدام القنوات السورية الرسمية والمعابر الحدودية المتفق عليها مع دمشق لاستيراد مواد الاغاثة. ومن بينها ميناءا اللاذقية وطرطوس في شمال سوريا ومعابر محددة على الحدود مع لبنان والأردن.
وقالت الوثيقة ‘تركيا خط أحمر.’ وتتخذ تركيا موقفا معارضا لحكومة الأسد في الصراع ويستخدم بعض مقاتلي المعارضة السورية أراضيها قاعدة لهم.
وكشفت الوثيقة عن معبر جديد لدخول المساعدات على الحدود الشمالية الشرقية لسوريا مع العراق قائلة ‘وافقت حكومة سوريا (في 20 نوفمبر تشرين الثاني) على نقل امدادات عن طريق معبر ياروبيا من العراق مع وجوب الاخطار قبل 48 ساعة.’
وقالت الوثيقة ان الاجراءاات الإدارية المطولة تعطل بوجه عام تدفق المساعدات إذ يتطلب استصدار تأشيرات دخول لعمال الاغاثة الأجانب من السلطات السورية الانتظار فترات طويلة ولم تصدر 25 من هذه التأشيرات مثلا رغم مرور ما يزيد على ثلاثة أشهر على طلبها.
ويقول نشطاء بالمعارضة إن قوات الأسد تستخدم الحصار والتجويع كتكتيك عسكري في المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة حول دمشق مثل المعضمية والغوطة الأمر الذي يؤدي إلى حالات سوء تغذية والجوع الواسع النطاق. وتتهم سوريا مقاتلي المعارضة باستخدام المدنيين في تلك المناطق دروعا بشرية.
وفي موقف موحد يندر اتخاذ مثله دعت القوى العالمية سوريا الشهر الماضي إلى السماح بدخول إمدادات الاغاثة الإنسانية عبر الحدود وحثت كل المتقاتلين على الموافقة على وقف مؤقت للقتال لاسباب انسانية.
وقال دبلوماسي غربي يوم الجمعة مشيرا إلى البيان الرئاسي الذي أقره مجلس الأمن الدولي في الثاني من اكتوبر تشرين الأول ‘كان محددا للغاية فقد دعا النظام إلى السماح بدخول (المساعدات) عبر الحدود. وهو لا يفعل ذلك خصوصا المساعدات القادمة من تركيا.’
وأضاف ‘في المعضمية المشكلة الأساسية هي الحصول على إذن النظام لدخولها. للأمم المتحدة قوافل جاهزة لتوصيل المساعدات إلى هناك.’
وقال الدبلوماسي الذي تحدث شريطة عدم نشر اسمه إن الحكومة السورية ملزمة بموجب القانون الإنساني الدولي بتسهيل دخول المساعدات الإنسانية. وأضاف أن حصار مقاتلي المعارضة لقريتي نبل والزهراء الشيعيتين المواليتين للأسد في محافظة حلب يعد انتهاكا ايضا للقانون الإنساني.
واكتفى متحدث باسم اموس بتأكيد إجراء محادثات غير معلنة في مقر الامم المتحدة في جنيف وامتنع عن التصريح بأسماء الدول المشاركة في المحادثات التي وصفها بانها اجتماع داخلي أو حتى ما اذا كان مسؤولون سوريون مشاركين.
وقال ينز ليركه المتحدث باسم مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ردا على استفسار ‘تعقد آموس اجتماعا مع بعض الدول الأعضاء الرئيسية بشأن الوضع الإنساني في سوريا.’
من ستيفاني نبيهاي
(إعداد حسن عمار للنشرة العربية)