خلط الدعوي بالسياسي شكّل خصماً من رصيد الحركة السلفية
اتهام شفيق والشاطر بـ «تفجير» حزب النـور في مصر
اشتعل الخلاف داخل التيار السلفي الذي يمثل الكتلة السياسية الثانية في البلاد، بعد جماعة الإخوان المسلمين، وأسفر الصراع عن انقسام كبير داخل «حزب النور» الذراع السياسية للدعوة السلفية، حيث أصبح هناك رئيسان وجبهتان للحزب، الأولى بقيادة مؤسس الحزب ومساعد رئيس الجمهورية الدكتور عماد عبدالغفور والدكتور يسري حماد، والثانية يمثلها الشيخ سيد مصطفى خليفة الرئيس الجديد، والمهندس أشرف ثابت عضو الهيئة العليا، وكيل مجلس الشعب السابق، ومعه يونس مخيون ونادر بكار، وبينما اعتبر البعض الصراع داخلياً على المناصب، قال آخرون إنه بفعل سيطرة الشيوخ والدعاة على العمل الحزبي في البلاد، في الوقت الذي قال فيه أنصار عبدالغفور إنهم يسعون لتوسعة الحزب أمام الجميع مع حساب الداعية ياسر برهامي وأشرف ثابت على زيارتهم السرية للفريق أحمد شفيق، المرشح الرئاسي السابق، رغم تأييد الحزب للدكتور محمد مرسي.
وكشف عضو النور المهندس وليد عبدالله، عن أن الإعلان عن زيارة الشيخ برهامي وأشرف ثابت للفريق شفيق قبل إعلان نتيجة الانتخابات هو السبب في تفجير حزب النور، لأنها توضح قيامهما بالتنسيق مع شفيق والمجلس العسكري بصورة سرية، وقال وليد لـ«الإمارات اليوم» إن «الفريق شفيق هو من كشف عن هذا اللقاء الذي لم تحط به قيادات حزب النور»، مشدداً على تناقض رواية ثابت التي قال فيها إنه «التقى شفيق للحصول على معلومات عن موقعة الجمل»، بينما قال برهامي انهم التقوه لمنع إراقة الدماء حال فوز شفيق، وقال وليد، إن «الفريق شفيق نجح في استغلال حسن نية بعض شيوخنا لضرب وحدة الحزب الذي يمثل الرقم الصعب في الشارع السياسي المصري».
من جهته، أكد الباحث والناشط السلفي على عبدالعال لـ«الإمارات اليوم» إن «دعم الدعوة السلفية لمصلحة قرارات الهيئة العليا قد حسم رئاسة الحزب الى الشيخ سيد خليفة». مشدداً على انه هو الرئيس الفعلي للحزب الآن، وليس مساعد رئيس الجمهورية عماد عبدالغفور الذي تم إعفاؤه من رئاسة الحزب من قبل الهيئة العليا.
وقال إن الصراع داخل حزب النور السلفي، ثاني أكبر الاحزاب السياسية في البلاد، هو صراع داخلي على المناصب وليس صراعاً فكرياً أو حركياً بين فريق الدعوة وفريق السياسة، لأن الدكتور عبدالغفور يريد أن يبقى رئيساً للحزب ويحتفظ بمنصب مساعد رئيس الجمهورية في الوقت نفسه، معتمداً على أنه المؤسس وصاحب فضل كبير في ظهور الحزب للعلن.
وقال عبدالعال إن الدكتور عماد عبدالغفور هو من دعا الى الانتخابات الداخلية التي بدأت في 15 سبتمبر، لكنه اشترط أن تجرى الانتخابات على الهيئة العليا فقط دون رئاسة الحزب، وعندما بدأت مؤشرات الانتخابات تتجه نحو تفعيل اللائحة بإعفائه من موقعه وانتخاب رئيس جديد، قام بوقف الانتخابات، وهو ما أدى الى عزله، مشدداً على عدم وجود أي دور لطرف خارجي، مثل جماعة الإخوان أو نائبها خيرت الشاطر في الصراع. وأكد عبدالعال أن «جميع قيادات الدعوة السلفية من شيوخ ودعاة وقيادات حزب النور السياسية تتوافق على التحالف مع جماعة الاخوان، وحزبها الحرية والعدالة، والتيارات الاسلامية الاخرى، في الانتخابات البرلمانية المقبلة، لكنها تنتظر الشكل الذي ستجرى به الانتخابات، سواء كانت بالنظام الفردي أو القائمة».
وأشار عبدالعال إلى أن لجوء عبدالغفور للقضاء لن يغير من قرار الهيئة العليا في شيء، لانها ابلغت لجنة شؤون الاحزاب المختصة بهذا الشأن، التي تقر ما اتخذته اللجنة العليا.
وقال الباحث في الحالة الإسلامية الدكتور هشام جعفر لـ«الإمارات اليوم»، إن «ما يحدث داخل حزب النور حائز الكتلة الثانية في البرلمان المنحل، يمثل خطورة كبرى على العمل الحزبي في مصر، لانه يظهر هيمنة دعاة الدعوة السلفية على العمل السياسي، والدخول في تفاصيل قضايا حزبية لا يجوز لرجل الدين الانغماس فيها».
وقال جعفر إن «صراع الدعاة مع السياسيين داخل حزب النور سيضعف فرص الحزب في الانتخابات البرلمانية المقبلة، ويقلل من هيبة ووقار رجال الدين الذين كانت كلمتهم مسموعة في الشارع، وحصدت بها الاحزاب الإسلامية معظم مقاعدها». وتابع أن «الدعوة تعني السمع والطاعة في الامور الدينية، بينما السياسة تعني الخلاف والمجادلة، وما يحدث هو خلط بين الأمرين يمكن أن يفرق الناس من حول النور». وقال جعفر إن «هناك مخاوف مشابهة وبدرجة اقل من هيمنة جماعة الاخوان المسلمين على حزبها الحرية والعدالة»، مؤكداً «تأثر التيار الاسلامي عموماً بتلك الخلافات، خصوصاً أن حزب النور لا يساوي شيئاً من دون الدعوة السلفية، وما كان حزب الحرية والعدالة ليظهر الى النور دون جماعة الاخوان المسلمين».
ويتشكل التيار السلفي في مصر من مجموعات كبيرة، أبرزها الدعوة السلفية، التي شكلت حزب النور، وجمعية أنصار السنة، و«السلفية الحركية»، وسلفية أولي الأمر أو السلفية «المدخلية»، والجماعة الإسلامية التي خاضت صراعاً مريراً مع نظام مبارك في التسعينات، والجمعية الشرعية، وجماعة التبليغ والدعوة.
وكشف الناشط بحزب النور، سمير عبدالسلام، عن قيام جماعة الاخوان، وعلى رأسها نائبها خيرت الشاطر، بمحاولات عديدة للسيطرة على الحزب وتحويله الى رديف شعبي لها، وازدادت هذه المحاولات عقب تشكل التحالفات السياسية الكبرى ضد الاخوان في الشارع السياسي، وبدء النور في إجراء سلسلة من الحوارات مع الاحزاب السياسية المختلفة. واكد عبدالسلام، لـ«الإمارات اليوم» أن «مجموعة الدكتور ياسر برهامي، ووكيل مجلس الشعب المنحل اشرف ثابت، تنبهت لتحركات الشاطر التي قام بها عبر قيادات داخل الحزب، من بينهم صديقه الشيخ محمد يسري، الذي وقف خلف ترشيحه في البرلمان بمدينة نصر ثم ترشيحه لوزارة الاوقاف»، مشيراً إلى أن اختيار الدكتور عماد عبدالغفور مساعدا لرئيس الجمهورية جاء في إطار استقطاب قيادات الحزب نحو تحالف كامل مع جماعة الاخوان، على الرغم من جنوح الاخوان الى الهيمنة على جميع المناصب العليا في البلاد، ورفض مشاركة النور في وزارات مهمة.
وظهر أول خلاف علني بين السلفيين والاخوان عندما شن الداعية السلفي، الشيخ أحمد فريد، هجوماً حاداً على جماعة (الإخوان المسلمين) ، عندما قال إن الإخوان مع العلمانيين والليبراليين صاروا أغلبية في مجلس الشعب، وهم الآن ضد الشريعة أو ضد النص عليها في الدستور.
وقال إن النواب السلفيين اشتكوا مر الشكوى من رئيس المجلس السابق الاخواني سعد الكتاتني، الذي رفض السماح لهم بالحديث، متابعاً «أحد الإخوة قال لي: أنا كنت بتنطط على الكرسي عشان يأذن لي أتكلم فلا يسمح لي الدكتور الكتاتني»، وبعضهم قال «إننا كنا مضطهدين في مجلس الشعب، لانهم فعلاً صاروا أقلية بالنسبة لكتلة الإخوان مع العلمانيين والليبراليين، كما ان قيام الدكتور محمد مرسي بتشكيل فريقه الرئاسي، دون تشاور مع السلفيين، مع إسناد حقيبة وزارية واحدة إليهم، وهي حقيبة البيئة، التي اعتذر عنها الحزب، قد أسهم في توسيع هوة الخلاف مع الاخوان، ورد الحزب في بيان رسمي له، قال إن قياداته فوجئوا بعد خطاب تنصيب الرئيس بالانقطاع الكامل عن عملية التفاهم والتواصل سواء مع مؤسسة الرئاسة، أو مع حزب «الحرية والعدالة»، حيث تم التجاهل التام لأي تنسيق أو مبادرة تشاور، أو محاولة التعرف إلى الكفاءات العلمية والفنية والإدارية لحزب النور.